لا أعتقد أن هناك عملاً تلفزيونياً رمضانياً في هذا العام تفوق على "سيلفي" الحربي والقصبي ومن معهما من نجوم، فقد قدم هؤلاء النجوم وجبة ثرية واقعية عميقة بأسلوب لطيف ومقبول دون مط أو تطويل ودون إسفاف أو تهويل.
لامسوا حياة مجتمعاتنا الفعلية، وطرحوا قضايانا الخاصة والعامة وتعرضوا لمخاوفنا وناقشوا المشاكل والأسباب، وتعرضوا لحالات واقعية نراها ونسمع عنها كل يوم، وقدموا كل هذا بوضوح وبشكل تتقبله العيون والعقول.
طيب، لماذا "سيلفي" بالتحديد؟ فبإمكان الكثير من الكتّاب أن يؤلفوا نصوصاً ويختاروا المواضيع المطروحة نفسها، خصوصا أن المواضيع ليست مستحدثة أو مبتكرة، بل هي أمور نعيشها كما ذكرت آنفا، وبإمكان الكثير من النجوم والفنانين أداء الأدوار المطلوبة لتجسيد تلك المواضيع، ومن ناحية الميزانية فإن معظم أعمال رمضان ترصد لها ميزانيات متقاربة، فلماذا نجح "سيلفي"؟
ضوء أخضر هو المختلف في الأمر فقط لا غير، "تطرقوا لأي موضوع وعالجوه بكل حرية فلا خطوط حمراء تحدكم ولا محاذير تعرقلكم، دعوا الناس يرون واقعهم بلا تجميل أو تضليل"، هكذا أتصور كان منطق القائمين على محطة "إم بي سي" في اتفاقهم مع "سيلفي"، فكانت النتيجة أضخم عمل رمضاني وأعلى مشاهدة، وإشغال الدواوين بالحديث حول "سيلفي"، وأعلى موضوع متداول في "تويتر"، وهو ما يعني التفاف أكثر نسبة مشاهدين حول شاشة "إم بي سي" وهو هدف المحطة بلا شك.
أما بقية الأعمال (الخليجية على الأقل) فتمحورت حول مواضيع مستهلكة بمعالجة مكررة- احتيال ومخدرات وحب بين فقراء وأغنياء وسجن وعقوق- لأن هناك جهازا تعيسا يسمى رقابة يمنعهم من التطرق لمشكلات حقيقية ويفرض عليهم قوالب لا تتغير، فالرقابة سخيفة لدرجة أنها تغير اسم مسلسل "فال مناير" إلى "حال مناير" و"بشت الوزير" إلى "بشت المدير"، وتمنع ذكر اسم كيم كاردشيان بالمسلسلات وتمنع التلميح عن المذاهب، وترفض التطرق لفساد الأجهزة الأمنية إن وجد أو التطرق للسياسة، فتكون النتيجة أعمالا بميزانيات صخمة والمردود "الدار كلها منخشة فيك".
أطلقوا يد الفنانين وأعطوهم الحرية ليتكلموا عنا بواقعية، فهم يدخلون إلى منازلنا يوميا عبر الشاشة بلا استئذان فدعونا نستفد من معالجتهم ومواضيعهم لتنجح كل الأعمال كنجاح "سيلفي".
خارج نطاق التغطية:
عيدكم مبارك وعساكم من عواده.