في البدء، كان تويتر سلاحاً نووياً في يد الشعوب، أحسنت استخدامه، فمكّنها من الثورات، ومن قلب المعادلة، ومن خلع بعض الكراسي التي لم يكن خلعها ممكناً حتى في الأحلام.
مئة وأربعون حرفاً تويترياً، صحيح أنها أحرف نووية، لكنها صديقة للبيئة، وللإنسان، وللأطفال، وللمستقبل والحياة، وللبشرية كلها.
هذا الأمر جعل كل حكومة ظالمة، تضع يدها على قلبها خوفاً، وتستخدم الأخرى لمسح العرق من على جبهتها المتعرقة، قبل أن تستدعي الشيطان وأبناءه لاجتماع طارئ، على أقذر مستوى… وهناك، في سراديب الأجهزة الأمنية، عُقِدَ الاجتماع.
بعد فترة، وبعد امتصاص الصدمة… انقلبت موازين “الحرب”، واستطاع الطغاة انتزاع هذا السلاح الشعبي النقي الفعال من أيدي الشعوب، وعبؤوه بالذخيرة السامة، وسلموه إلى أذنابهم وجلاوزتهم، فقصفوا به الشعوب بلا رحمة، ولا شرف. وكانت أعراض الناس، وحيواتهم الخاصة، أهم الأهداف للسلطات وأذنابها، أثناء القصف.
ويتساءل بعضنا: كيف استطاع الطغاة، وأجهزتهم الأمنية، انتزاع تويتر من أيدي الشعوب، واستخدامه ضدهم؟ وتأتيه الإجابة: اكتشف هؤلاء ثغرة كبيرة، تسللوا من خلالها إلى صفوف الناس، وقلبوا المعادلة. والثغرة هي أن تويتر يسمح لك بالحديث متخفياً من دون أن تُعرف هويتك، بل ويسمح لك بإنشاء عدد غير محدود من الأسماء، توحي للآخرين بأنك، بمفردك، “جمع غفير”.
فانتشرت الأذناب في فضاءات تويتر، بأسماء وهمية، وخدمات إخبارية وهمية، مكّنتهم من خداع الناس، وتزييف الصورة. والأدهى من ذلك أن هذه الحكومات، عبر محترفيها الأجانب، الذين استقدمتهم واستخدمتهم بأموال الشعوب، استطاعت اختراق بعض الحسابات الهامة في تويتر، وتحدثت بأسمائهم، فأربكت العقول، فتبدّلت الأوضاع.
هنا، وفي هذه اللحظات، عثرت الشعوب الغاضبة على سلاح آخر، لا يمكن فيه تزييف الهوية، ولا التصريح أو التغريد بحسابات غير محدودة، ولا اختراق حسابك والتصريح باسمك، من دون علمك. إذ حتى لو تم اختراق حسابك فيه، لا يمكن لأحد تزييف وجهك وصوتك وطريقتك في التعبير.
هذا السلاح هو “سناب شات”، وهو في أيدي الشعوب الآن، ومازالت الحكومات في اجتماعها الطارئ مع الشياطين للتباحث حول كيفية انتزاعه من الشعوب. وأظن أن مهمة الطغاة وأجهزتهم الأمنية، هذه المرة، ستكون صعبة جداً.