الأمر ليس سبهللة، ولا وكالة من غير بواب، ولا كل من ادعى حب الكويت يحبها فعلاً. فكل الذين عارضوا السلطة وأداءها يكرهون الكويت بالضرورة. وكل الذين احتجوا ضد السرقات المتتالية يكرهون الكويت، قبحهم الله. وكل الذين غضبوا من السحب السياسي للجنسيات، يكرهون الكويت. وكل الذين بكوا قهراً على تراجع الحريات، يكرهون الكويت. وكل الذين صرخوا مطالبين ببناء مستشفيات، مثل خلق الله، ومنشآت رياضية، ومسارح، وأماكن ترفيه، وما شابه… كلهم يكرهون الكويت.
تأتي الكويت دائماً في ذيول الجداول، في جميع المؤشرات، فإن أنت انتقدتَ السلطة التي سحبتنا من أيدينا، ووقفتْ بنا في طابور الدول المتخلفة، وأدارت الكويت بـ”الهندل”، فأنت تكره الكويت، حتماً.
ثم إنك لم تُعلق “باجة” علم الكويت على صدرك، ولم ترفع علم الكويت في يدك وترقص في المسرح، أثناء الأغاني الوطنية المضروبة، ولم تكتب وأنت في ربوع سويسرا أنك مشتاق وفي قلبك لوعة وحنين للكويت، ولم تقل وأنت “تسلهم” بعينيك العسليتين، أثناء جلوسك في شرفة فندقك المطل على نهر الراين: “اشتقت إلى الكويت وحرّها وغبارها. هي في كل حالاتها أجمل من سويسرا وفرنسا وألمانيا وبلدان العالم كله مجتمعة”. أنت لم تقل ذلك، فكيف تدعي أنك تحب الكويت؟ هاه؟ كيف؟ اترك عنك الكذب فقد انكشفت نواياك الخبيثة.
قل، وأنت في ربوع أوروبا، إنك تحب الكويت، ولا تنس تعليق باجة العلم، أثناء الأعياد الوطنية، واشتم المعارضين، واطعن في أعراضهم، وحرّض المباحث عليهم، وابحث عن أي خطأ ارتكبه أحدهم، لتتباكى على حال البلد إن “مشينا خلف هذا وأمثاله”، فإن لم تجد خطأً، فلا مانع من التأليف، وخلق سيناريو وحوار من “عندياتك” الخبيثة، ثم طالب بوأد الديمقراطية، من باب الخوف من الفوضى، والعق أحذية المسؤولين… ومبروك… أنت تحب الكويت.
الآن، الآن فقط، يحق لك أن تسرق، وأن تحصل على مزرعة، ومناقصة، وأن تحصل على منصب، حتى وإن لم تستحق… يكفي أنك تحب الكويت، على طريقتهم.