يقولون عنها «أم الدنيا». هذه الأم «المحروسة» فيها من العجائب والحكايات ما ذكرته مختلف الكتب السماوية في ضرب الأمثلة، ودعونا ندخل معاً إلى بعض هذه العجائب من باب «مصر آمنين»!، هذه «المحروسة» توالى على حكمها العسكر في عصرنا الحديث، ومن عجائب عسكر مصر تدخلهم حتى في التاريخ. فأغلبنا شاهد فيلم «الناصر صلاح الدين» الذي قدّم لنا القائد صلاح الدين بصورة بطل، بينما تحكي بعض الروايات انه كان قائداً عسكرياً انقلب على السلطان نور الدين. ولأن صلاح الدين كان عسكرياً، فقد أراد حكام مصر العسكريين وقتها «الضباط الأحرار» التقرب من الأقباط، فقاموا باختراع شخصية «عيسى العوام» المسيحي على أنه شخصية عسكرية ساعدت الجيش الإسلامي، بينما كان المسيحيون وقتها يدفعون الجزية مقابل حمايتهم وعدم إشراكهم في الحروب، عجيبة يا مصر!
حتى أن اسم «المحروسة» فيه شيء من العجب، فأغلبنا يعتقد أن مصر هي الوحيدة الملقبة بهذا اللقب، بينما قيل قديماً بأن بغداد محروسة، ودمشق محروسة، وحماة محروسة كما في المثل: سور حماة بربها محروس.
وسر إطلاق اللقب هو بعض الصدف التي تزامنت مع بعضها، وآخرها هو ما أطلقه العسكر على القاهرة بأنها «محروسة» بعد النكسة في حرب 1967 واقتراب إسرائيل من أبواب القاهرة!، فامتلأت المساجد والكنائس بالصلوات، وشيع أن أمراً سماوياً «حرس» القاهرة، ولكنه في واقع الأمر إسرائيل امتنعت عن التقدم لأسباب استراتيجية بحتة، كما ذكر ذلك وغيرها من العجائب المصرية، المفكر الأستاذ يوسف زيدان في كتابه «متاهات الوهم».
إن للعسكر في مصر «عشرة» طيبة مع العجائب، آخرها كان قبل عام عندما أعلنت الادارة الطيبة في الجيش أنها صنعت جهازاً يعالج «الإيدز» و«فيروس سي»، وتأجل اعتماد الجهاز ستة أشهر لمزيد من الاختبارات، ويحول علينا اليوم الحول ولا نجد جهازاً ولا نسمع رنينه!
إن العجيب في مصر، مصر نفسها! فالعسكر يتدخلون في الصحة والسينما ودور العبادة وكل شيء!، وهذا أمر لا يصحّ إلا في الدول النامية التي تفتقر لمن يقودها من الكفاءات من غير العسكر.. ولكن مصر «ولّادة» ومصدّرة للكفاءات، فلماذا هذا الاعتماد على العسكر حتى اليوم؟، يبدو أن «البديل» هذه الأيام أكثر عجباً.. وأهل «المحروسة» أدرى بشعابها!