لا أكن أي ود للنائب عبدالحميد دشتي، وأعتقد أنه من أكثر النواب سوءاً، في عمله، وأدائه البرلماني، إضافة إلى أمور يمنع القانون التطرق إليها هنا، ولكن هذا لا يعني أن من حقي سلبه أياً من حقوقه كإنسان. فما قام به من تقديم «واجب» العزاء لوالد عماد مغنية يبقى، في إطاره العام، تصرفاً شخصياً، لا علاقة لأحد به. ولكن ما يؤخذ عليه هو إحاطته بكل تلك البهرجة الإعلامية، وكأن الاستفزاز مقصود ومبيت. كما أن توقيت الزيارة، وبعد مرور سنوات عدة على حادثة الاغتيال، وفي هذه الظروف المشحونة طائفياً، له دلالاته السيئة، فكيف تذكر النائب دشتي، وبعد مرور أكثر من ألفي يوم على اغتيال مغنية، أن عليه تقديم واجب العزاء؟ علماً بأن زياراته للبنان لم تنقطع خلالها!
لست في وارد اتهام أو تبرئة عماد مغنية بأي تهمة، طالما أنه لم يتهم رسمياً، ومن خلال محاكمة عادلة، أو حتى نصف عادلة، من أي دولة، بقيامه، مباشرة أو بغير ذلك، بالاعتداء على وطني وقيادته. أما ما قام به من أفعال خارج هذا النطاق، فليس من شأني!
وبالتالي، نعيد السؤال هنا، لماذا تذكر النائب دشتي أن عماد مغنية مات شهيداً، وبعد مرور كل هذه الفترة الطويلة على اغتياله؟ ولماذا قام بتقديم العزاء، بحضور الصحافة والتلفزيون؟ ولماذا قام بذلك بعد العمل الإرهابي الذي تعرض له مسجد الصادق، وبعد اتفاق إيران والقوى الغربية الكبرى؟ وهل لتصرفه علاقة بهذين الحدثين؟
الجواب يكمن في أن للرجل حساباته المحلية والإقليمية، وبحسب فهمي، وما أعرفه، فإن النائب دشتي أبعد ما يكون، من خلال تصرفاته وطريقة معيشته وعلاقاته، عن المواضيع الطائفية والقضايا الدينية، ولكنه يعرف، بحسه الخاص، أن الوقت وقت العزف على مثل هذه القضايا، والمظلومية، والحقوق المسلوبة! فبوجود كل هذا الشحن الطائفي، والجهل والأمية الدينية، فإن الكثيرين، بوعي أو بغيره، على استعداد للوقوف معه وتأييده وإيصاله لأعلى المناصب، دون التفات لتاريخه أو ماضيه العدلي أو عدم طائفيته! فهؤلاء في النهاية يريدون من يناصر مواقفهم، بصرف النظر عمن يكون، وهذا هو الجهل بعينه.
having said that والآن، وبعد أن قلنا ما قلناه، هل يجوز القبول بكل ما ورد في وسائل التواصل الاجتماعي من ضرورة محاكمة الرجل، وطرده من المجلس، ثم لتبلغ السخافة قمتها بالمطالبة بسحب جنسيته؟ ألا يشعر هؤلاء، بمطالبهم السخيفة هذه، أنهم لا يقلون عنصرية عمن يتهمونه بالعنصرية والطائفية؟
إن كل هذا الكم من الحقد الطائفي يبين لنا أننا لم نتعلم شيئاً لا من دروس الاحتلال الصدامي ولا من تفجير مسجد الصادق، وبالتالي سنبقى على حالنا، وستستمر الذئاب في هرولتها من حولنا!