الذين ساهموا ويساهمون في إثارة الحمية الطائفية والنعرات العنصرية هم- ولا غرابة على الإطلاق هنا- من يحرص على الترويج لتقييد الحريات وقمع حق التعبير ومصادرة الحقوق السياسية لدى المواطنين بشكل عام.
في جميع الخلافات والإثارات العنصرية والطائفية.. يتفنن المرجفون والحمقى من الطائفيين والعنصريين في تحريض السلطة والأجهزة الأمنية «القمعية بالذات» ضد من يعتقدون أنهم مناوئوهم أو أنهم «غير» من المواطنين. أكثر ما يطغى على «تويتر» هذه الأيام هو.. لماذا يا حكومة أو وزارة الداخلية القيتوا القبض على فلان ولم تفعلوا ذلك مع علان. أو لماذا هذا يشتم «ألف» ويظل طليقاً بينما ذاك يتم اعتقاله أو توجيه التهم له لأنه مارس نفس الفعل ضد باء؟! والمضحك هنا أن مؤيدي «المعارضة الجديدة» من المغردين لهم باع طويل في هذا الأمر رغم ادعاءاتهم الديموقراطية وتباكيهم على معتقلي حرية الرأي.
أي ان هناك تشجيعاً، بل هو تحريض لأدوات ومؤسسات السلطة كي تمارس قمعها للمواطنين وتواصل مصادرتها وتصديها للحريات. وكأن حكومتنا أو أجهزتنا الأمنية بحاجة إلى تنبيه أو تشجيع أو أنها بالفعل مقصرة في أداء واجبها ومهماتها في مصادرة حرية الرأي وتقييد حق التعبير!
ولكنها طبعاً الرجعية، ومنها تنبثق العنصرية والطائفية. فليس في إمكانك أن تكون رجعيا ومتخلفا وتحتفظ في ذات الوقت باحترام وتقدير الآخرين. من شروط العنصرية والطائفية احتكار الرأي وامتلاك الحقيقة ومن شروطها قصرها على الانا ومنعها على الغير.
ان التحريض ضد الآخر يعمي البصيرة هنا. ويزيد من هيمنة الحمق والغباء. فالعنصري بدلا من ان يدافع عن حقه في التعبير وفي عرض رأيه ومعتقده، نجده يعمل على قمع «الآخر» ومصادرة حق التعبير بشكل عام. وفي الغالب تكون هناك بالطبع أغلبية وأقلية بين العنصريين. وفي الغالب أيضاً تكون الأغلبية في بلادنا ومنطقتنا عموما هي من يملك السلطة وهي من يملك تبعا لذلك «القانون». لهذا، تسعى هذه الاغلبية العنصرية الى تفعيل القوانين المقيدة للحريات والى التنادي لتعزيزها لأنها فيها مع الأسف بسبب رجعيتها تعزيز لسلطة ومكانة هذه الأغلبية.