معلومة قد لا ينتبه لها البعض، تقول: “السياسة مرتبطة بكل شيء في حياتنا اليومية، إن بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن غالبية الناس لا يعلمون أنهم يخوضون في الحديث السياسي، أثناء نقاشاتهم اليومية”.
بمعنى، يشتكي الناس الزحمةَ، وهم لا يقصدون، غالباً، الحديث عن السياسة، لكنهم، عمداً أو من غير عمد، دخلوا في هذا الحديث السياسي، خصوصاً إن بحثوا في جذور المشكلة وأسبابها.
وعندما يشتكي الناس تهالكَ مبنى المطار، وسوء خدماته، وخرير أسقفه، وفوضاه العارمة، فهم يتحدثون هنا حديثاً سياسياً صرفاً، وإن من غير قصد. وهكذا، يجد الإنسان نفسه يتحدث عن السياسة حتى لو لم يقصد ذلك.
وأتذكر تعليقات البعض على ما كنت أطرحه في برنامجي التلفزيوني، عندما كنت أتحدث عن رداءة الخدمات الصحية، أو تهالك البنية التحتية للبلد، أو ضعف المستوى التعليمي، أو عن العنكبوت الذي بنى بيته على حرياتنا، وعلى أمجادنا السابقة، الرياضية والفنية والبنيوية وغيرها… كان أحدهم يعلق: “تعبنا من السياسة”، ويرد آخر: “نحن الشعب المسيس”، ويضيف ثالث: “لم يبق إلا جدتي لم تتحدث عن السياسة”، وما شابه من هذه التعليقات.
وهنا أقول: يا سادة يا كرام، لن تستطيعوا تجاوز السياسة مهما بدا لكم أنكم بعيدون عنها، أو ظننتم أنكم لا تتحدثون فيها وعنها. فالحديث عن الفن والمسرح مرتبط بالسياسة، والحديث عن الرياضة كذلك، وعن البنية التحتية، بشوارعها ومرافقها وخدماتها وغيرها، حتى الحديث عن التعليم مرتبط بالسياسة، والحديث عن طباع المجتمع مرتبط كذلك بالسياسة… فلا مفر منها ولا منجى، خصوصاً في عالمنا العربي اللذيذ، سواء كان الحديث بين تيارات سياسية، أو بين عجائز يتبادلن علاج الروماتيزم.
أكتب هذا الكلام، رداً على من يقول: “سأترك الحديث عن السياسة”، وهو يقصد، ربما، الحديث عن الشأن البرلماني. لأنه إن أراد فعلاً تنفيذ قراره بترك الحديث عن السياسة، فعليه أن يصمت إلى الأبد.