بعد سنوات من الشد والجذب والحروب والحصار استطاعت الجمهورية الاسلامية الايرانية وبالتفاوض مع دول ال (٦+ ١) ان تنتزع حقها في النشاط النووية بالإضافة الى فك الحصار الظالم عليها بعد ان رافقها منذ انتصار الثورة .
البرنامج النووي السلمي كان وخلال السنوات الماضية من اهم المحطات السياسية العالمية واخطرها ، فقد لوحت الدول الكبرى مراراً وتكراراً بالحل العسكري لمواجهته ، كما انه محل تجاذبات في الداخل الايراني بين التيار المحافظ والتيار الاصلاحي وكلاً من هذان التياران لهم طريقة معينه للتعاطي مع حيثيات هذا الملف .
هنا ومن خلال هذا المقال لن اتطرق لموضوع من الرابح أو الخاسر في هذه المفاوضات ولا حول طرق كل تيار في الداخل الايراني في التعامل معه ، بل سأبحث في بعض المفاهيم الجديدة التي اقرتها هذه المفاوضات والتي من شأنها ان تغير وتعيد اللعبة السياسية العالمية والتحالفات الدولية واسلوب التعامل بين الدول ومنها :
١- خلال سنوات كانت الولايات المتحدة الامريكية تفرض نفسها على انها الدولة العظمى التي لا يمكن مخالفتها او عصيان أوامرها ، ودائماً ما تتعامل مع بقية الدول (لاسيما الدول الاسلامية والعربية) كتابع لها تسيرها حسب ما تريد ، وجاء هذا الاتفاق للحد من هذا الامر ، فايران الاسلامية استطاعت وامام الجميع ان تضع رأسها برأس امريكا ودول (ال٦ +١) وتجلس بمفاوضات (الند بالند) بقوة وذكاء .
٢- ان الحق ومصالح الدول ان وجد له من يدافع عنه بعقيدة قوية وسياسية المبادئ وتفاوض بحكمة سيعود لأهله رغم كل الصعوبات ، فايران على سبيل المثال ورغم عداوة دول الاستكبار لها دخلت التفاوض وبيدها ٤ مطالب استطاعت ان تحققها جميعاً وهذه المطالب كما يقول الرئيس روحاني هي : ( المحافظة على انشطتنا النووية ، الغاء العقوبات المفروضة علينا ، الغاء القرارات الظالمة ضدنا ، خروج الملف النووي الايراني من البند السابع في مجلس الأمن) .
٣- رغم الحصار الظالم ورفض دول الاستكبار لدخول ايران للنادي النووي الا انها وبفضل جهد شبابها وحكمة قيادتها استطاعت ان تكسر كل هذه الحواجز وبدأت ببناء برنامج للاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الغير وفرض سياسة الامر الواقع أمام العالم وفرضت نفسها كقوة لا يستهان بها وهذا التعامل لم تجده امريكا والدول الكبرى لدى احدٍ من قبل .
٤- على الرغم من دخول دول الشرق الاوسط بتحالفات قوية واستراتيجية مع الولايات المتحدة ظناً أنهم سيحصدون الخير والتقدم ، إلا ان ايران رأت عكس ذلك ورفضت سياسة القطب الواحد ووجدت نفسها تتحالف مع كل من يمد اليد لها فشكلت قطباً جديداً ضم ( روسيا وفنزولا وايران وسوريا والعراق والصين وعدد من الدول الاخرى ) وبهذا التحالف كسرت التفرد الامريكي بالقرار الدولي وبالنهاية وجدت دول الشرق الاوسط انها لم تستفد من امريكا شي وايران هي من استفادت .
٥- استطاع الاتفاق ( بصيغته الحالية ) ان يوحد الداخل الايراني ويرضي جميع الاطراف “تقريباً” وأن يبرز الدور الكبير الذي لعبة الولي الفقيه الامام الخامنئي لانجاحه واصبح الجميع يرى هذا الاتفاق على انه نصر استراتيجي لايران ككل بقيادتها مرشدها .
٦- اظهرت الجمهورية الاسلامية ورغم ما يشيعه الغرب عن تخلف الاسلاميين وتراجعهم عكس ذلك وبيت ان الاسلام دين العبادة والسياسة دين التطور والتقدم فبتمسكها بالدين وصلت لافضل المواقع الى ان وصلت بإسلاميتها للنادي النووي .
هنا يجب ان تعي دول المنطقة انها تستطيع ان تتطور وتصل لما تريد ليس من خلال الإرتماء بالحضن الأمريكي بل بالاعتماد على شعبها وقدراتها والجلوس مع بقية الدول بقوة وعزة لا بثقافة العبد والسيد .