صرح أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط، وهو الجهة التي تضع الخطط لمشاريع الدولة المستقبلية، بأن ليس لدى مجلسه أي خطط تنمية. وأن كل ما أعلن عنه في السنوات الثماني الماضية لم يكن اكثر من أفكار من دون أن تتحول يوما لخطط حقيقية.
ولو راجعنا تصريحات مختلف الوزراء الذين تعاقبوا على حقيبة التخطيط، أو وزراء الدولة، وقارناها بالواقع لوجدنا أنهم جميعا تقريبا لم يصدقونا القول في تصريحاتهم عن وجود خطط تنمية. ونحن هنا نتساءل عن مصير مليارات الدولارات التي خصصت لخطط تنمية عشوائية، والتي ربما لم توجد يوما على أرض الواقع. فقد كنا نسمع ونقرأ، ولكن لم نر منذ سنوات مشاريع حقيقية، ولا نزال نجتز ما اكلناه قبل عشرين سنة. ولو كلفت اي جهة محايدة بالتحقيق في حقيقة مئات التصريحات التي صدرت عن كبار مسؤولي الوزارة لوجدنا أن غالبيتهم يجب ان يذهبوا، على الأقل، لبيوتهم!
ويقول الرفاعي انه كان مسرفاً في تفاؤله، حينما اعتبر أن خطة التنمية هي فقط خطة كونكريتية، حيث اكتشف أن ما تم انجازه حتى الآن هو من مشاريع كونكريتية مليئة بالعيوب ويشوبها الفساد. وأن ما تم الإعلان عنه خلال السنوات الـثماني الماضية ليس إلا مجرد تجميع لمشاريع جهات حكومية افتقرت غالبيتها للتسويق الصحيح!
***
لو كنت من عيّن الرفاعي أمينا للمجلس لشعرت بالندم. فتصريحه ذكرني برواية «ملابس الإمبراطور الجديدة، The Emperor’s New Clothes» التي كتبها هانز كريستيان اندرسون عام 1837.
ان درجة استغراب البعض من تصريح أمين مجلس التخطيط كانت أكثر من درجة استغراب الصبي الصغير من عري الإمبراطور، فليس هناك مطلع لا يعرف أننا لم نجن شيئا من مجلس التخطيط ومجلسه الأعلى ووزارة التخطيط تاليا، إضافة لمختلف اللجان المستقلة التي شكلت لوضع خطط تنمية وتصليح المسار الاقتصادي، فجميعها فشلت، او افشلت، وانتهت تقاريرها لسلال الزبالة، فالإخوان لا يودون أن يشغلوا انفسهم بخطط وأرقام ورسوم بيانية.. وخرابيط.
وخير دليل على أن الحكومات المتعاقبة لم تعط التخطيط يوما ما يستحق من أهمية، هو عدم اكتراث اي مراقب بمن يعين وزيرا للتخطيط، بالرغم من كفاءة الكثيرين منهم.
وأجزم أنه لو تم تعيين هاشم الرفاعي وزيرا للتخطيط، فلن يختلف رأيه في عمل الوزارة عما صرح به، ولو انه تراجع عن موقفه الأخير بعد 48 ساعة.