فوجئت بخبر رئيسي في إحدى الصحف اليومية عن أحد المقاتلين الكويتيين في سورية مع إبرازه إعلامياً في الصفحة الأولى، مع صورة كبيرة تبين هذا العسكري السابق مدججاً بالسلاح بين مجموعة من الإرهابيين من التيارات الدينية التكفيرية وإطلاق الصحيفة مسمى الجبش الحر عليهم!
الأغرب من ذلك أن تعيد الصحيفة مقابلة سابقة للعسكري نفسه أجريت عام 2012 باعتبارها سبقاً صحافياً في وقته، تتضمن تفاصيل مريبة ودقيقة عن مسيرة الجهاد في سورية، وحتى لو أخذنا هذا الموضوع في بعده المهني الصحافي إلا أن ذلك يعكس حالة واضحة من الاسترخاء في ملف الإرهاب على المستوى الرسمي والإعلامي، وهذا ما نحصد اليوم نتائجه الكارثية، حتى امتدت يد الإرهابيين إلى بلدنا وسفكت دماء شعبنا في وضح النهار!
الإعلان الصريح عن هوية الإرهاب وممارساته وتطبيقاته في الحالة الكويتية كان جلياً في السنوات الأربع الماضية، بل سخرت وسائل الإعلام المرخصة من صحافة وقنوات فضائية لتغطية الأخبار والمقابلات مع شخصيات كانت تفصح علناً وجهاراً عن مخططاتهم ويومياتهم الجهادية، وكأنها بطولات تستحق النشر أمام الرأي العام.
قيام أحد الشخصيات السياسية بإعلان تجنيد ثلاثة آلاف مقاتل ونقلهم للحرب في سورية والعراق، والإعلان عن جيش شعبي تطوعي من (15) ألف مواطن مجاهد، ومئات الآلاف وربما الملايين من الدنانير المتناثرة في الدواوين لأطفال سورية، والتباهي بقتل أطفال العراقيين مع ذويهم والرغبة في نحر مواطنين كويتيين بالطريقة نفسها لم تكن على مواقع عنكبوتية محظورة أو أجنبية، بل كانت تنشر على صدر صفحات جرائدنا اليومية وعلى محطات تلفزيونية كويتية بشكل منظم، وأمام مرأى الأجهزة الحكومية الإعلامية والأمنية دون أن تحرك ساكناً أو ترصد مثل هذه الأحداث المريبة، وقد كتبنا في هذه الزاوية في حينها سلسلة من المقالات نحذر من خطورة هذا التباهي المعلن ونتائجه المحتملة على بلدنا، ولكن أيضاً دونما أي ردود فعل مسؤولة وعاقلة وبعيدة النظر!
قد يحتج البعض حتى الآن بعدم جدوى النبش في الماضي وتأييد اللحمة الوطنية التي بدأت تتبلور بشكل إيجابي والدور الأمني المكثف والناجح الذي يستحق الثناء والدعم، وهذا بالتأكيد ما نحتاجه جميعاً، ولا يعتبر مثل هذا النقد نبشاً في الماضي بقدر ما يعني الاستفادة من العبر والدروس المريرة وإعادة توجيه الخطاب الإعلامي والصحافي لاستكمال رؤية موحدة إزاء مقتضيات الأمن والاستقرار، وأن تكون إعادة نشر تلك المعلومات بهدف ترصد وملاحقة هؤلاء المجرمين، وكشف الشبكات المتصلة بهم تحت عنوان واحد هو اجتثات الإرهاب على الأقل في بلدنا، ويكفي ما حصدناه من شوك زراعة الحنظل!