دينياً اليهود هم شعب الله المختار أو هكذا يؤمنون. المسيحيون يعتبرون أنفسهم أبناء الله، المسلمون هم عبيد الله، مصداقاً لقوله «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون». لهذا فالمسلم لم يخلق لشيء آخر. لذا عليه التفرغ للعبادة والاستغفار. ورغم أن لدى المسلمين أوامر إلهية وأحاديث نبوية عديدة تحض على العمل وابتغاء الرزق، وإلى جانبها ما يدعو إلى عدم التطرف في التعبد، فإن الذهنية الدينية التي تسيدت بعد هزيمة المعتزلة أو أهل «العقل» لمصلحة المتطرفين من أهل «النقل» أو ما عرف بالسلف ثم الوهابية لاحقاً – أو بالأحرى هذه الأيام – هذه العقلية تحض على التعبد وعلى رهن النفس للخالق وتسخير حياة المسلم منذ المهد إلى اللحد للتعبد وللاستغفار ولتحقيق مرضاة الله.
وهكذا ينشأ المسلم السلفي أو من تربى تحت هيمنة دعاة صحوة «البترودولار» على الرغبة العارمة والمتواصلة في التعبد والتقرب إلى الله، عند المتطرفين دينياً من السلف الإنسان خطاء. لهذا، فإن الأغلبية أو ربما الجميع بغض النظر عن مدى إيمانهم أو تعبدهم سيذوقون «شيئاً» من النار. أو سيتعرضون إلى أهوال عذاب القبر. ليس هناك أحد ناج من عذاب الله، فالمبشرون بالجنة عشرة فقط من مجمل صحابة رسول الله ومن بقية المسلمين. على المسلم أن يستغفر ليل نهار على أمل أن يتجنب العذاب العظيم. الله عند المتشددين دينياً ليس الرحمن الرحيم، ولا اللطيف الكريم. الله ليس العزيز ولا الرزاق أو المحسن. مع أن هذه أسماؤنا وألقابنا نحن – المسلمين الطيبين – هكذا تعرفنا نحن على الله وعبدناه. ولكن عند غلاة السلف الذين هيمنوا على الدنيا مع «البترودولار».. الله شديد العقاب. ونهاية أغلبنا إلى عذاب القبر وإلى نار جهنم.
مع هذا، فإن أصحاب الفتاوى المعلبة من شيوخ «البترودولار» وجدوا طريقاً مختصراً إلى الجنة، طريقاً لا يمر على عذاب القبر ولا على سعير جهنم. وهو طريق الاستشهاد. فالشهيد في سبيل الله يصعد رأساً إلى الجنة.. يتجنب عذاب القبر ويتجنب حر جهنم. إضافة إلى هذا فإنه يزف إليها مع سبعين حورية.. وهكذا يبدو الاستشهاد ضرورياً ومغرياً أيضاً.
المسلم يقضي عمره صائماً مصلياً مزكياً ومع هذا فإنه معرض إلى عذاب القبر وأهوال يوم الحشر وعذاب نار جهنم.. الغر الذي يلبس الحزام الناسف ويقدم من يعتقد أنهم كفار قرباناً إلى الله يدخل الجنة وبرفقة سبعين حورية.