عندما كنت في الحادية عشرة من عمري – تقريباً – برفقة أخي مصطفى، الذي يصغرني بسنتين، كنا نلعب كل يوم رياضة كرة القدم في ملعب صغير أمام بيتنا.. كانت تلك عادتنا منذ أزل، قبل ان تمرق سيارة يابانية صغيرة من امام ملعبنا تقل ثلاثة اطفال يكبروننا بحوالي سنتين او ثلاث: السلام عليكم.. ممكن نلعب وياكم؟! هكذا أطلقوها على ايقاع ابتسامتهم الدافئة واللطيفة فانضموا من فورهم الينا.. وسرعان ما تآلفنا وتمازجنا معاً، وكأننا اصدقاء منذ نعومة اظفارنا.. كرر «ربعنا» الجدد زياراتهم لنا يومياً لمدة شهر تقريباً ونحن لا نمل ولا نكل من لعب كرة القدم معاً، لدرجة انهم لا يتورعون أبداً عن قرع جرس البيت كلما تأخرنا عنهم يوماً لسبب ما.. وفجأة، وبلا مقدمات، انقطع اصدقاؤنا الاثيرون عنا لعدة ايام حتى ظننا اننا «زعلانهم» بشيء! دب القلق فينا ولم نعرف اين تبخّر أحباء قلبنا حتى جاءنا اتصال على هاتف بيتنا من رجل بعمر والدي، كان العتب يغلف صوته عندما قال بنبرة لائمة: «العيال 24 ساعة عندكم وانتوا ما تزورونا»؟! فما كان من الوالد إلا أن وعده خيراً بردّ الجميل، فلما سأله عن العنوان، قال له: «احنا نتيمع دايما ورا المسيد بعد كل صلاة عشاء».. فتبين للوالد حينئذ أن المقر احدى الجمعيات الإسلامية.. لم نكد ننهي انا واخي الاسبوع الثاني في تلك الجمعية حتى صرنا نردد بلا شعور اناشيد أذهلت اهلنا جميعا: إنها اناشيد جهادية!
أيها السيدات والسادة، انهم يملكون طرقاً مبتكرة وسحرية في استدراج الجميع إليهم واختراقهم بسلاسة عجيبة! انهم يعرفون حاجة كل انسان مهما بلغت دقته، فقد تبين لنا بعدئذ انهم شطبوا على عيال «الفريج» جميعاً بلا استثناء! اصطادوا من اصطادوا! والبعض الآخر نفد بجلده.. درسوهم جميعاً، وحددوا نقاط ضعفهم: البلاي ستيشن، كرة القدم، جنجفة، واسطة، نكتة، فلوس، علاج! انهم يجيدون استدراج ضحاياهم وفق خطط محبكة ومدروسة، ولا عجب ان سمعنا ان اعداداً كثيرة من اخواننا «البدون» تم استدراجهم وغسل مخهم بتلك الطرق العجيبة! فـ «البدون» اليوم معدل الراتب الذي يتسلمه 120 ديناراً شهرياً فقط، والدوام لا يقل عن 12 ساعة يومياً وستة ايام في الاسبوع.. «البدون» معظمهم يعملون بلا عقد يحميهم: «فمان» الله.. هكذا يسمعها ويطرد! «البدون» لا جواز له، لا بيت يأويه.. اطفال «البدون» يحرمون من التعليم في المدارس! معظمهم سيعيش مستقبله بلا علم، بلا نور، بلا ثقافة تحميه من هذا الفكر الارهابي «الأسود» الذي دمر الجميع!
ان «قنبلة البدون» ايها السيدات والسادة يفوق عددها اليوم مئات الآلاف، وهي على وشك الانفجار في اي لحظة! ومعظمهم قد يصبح لقمة سائغة في فم الارهاب، كما حال الكثير من المواطنين.. ان الحل الحكومي الحاسم لملف «البدون» لا بد ان يصدر الآن: كفانا عبثاً! فنحن ندرك يقيناً ان هناك مجموعة من اخواننا «البدون» يستحقون التجنيس فعلاً، على حين اننا نعلم ايضا ان هناك اعدادا هائلة من المزورين «شقوا» جوازاتهم الاصلية لاستغلال امتيازات اخواننا «البدون».. الحكومة لن تستطيع ان تنزع فتيل «الارهاب» قبل ان تبدأ من هنا: تجنّ.س من يستحق، وتطرد كل مزور من هذا البلد! فبهذا النحو العبثي سيخترق رأس شبابنا كل ارهابي ساحر، ويقدم له امتيازات مالية ومعنوية بسيطة تحفظ مستقبل اهله وابنائه، ثم يقول له: تفضل.. هذه قنبلتك، اذهب فحورية الجنة بانتظارك!
آخر مقالات الكاتب:
- كيف باعوا «شبابنا بالسجون».. برخص التراب؟!
- عبد الرحمن السميط.. المسلم الحقيقي!
- أبوي.. جاسم الخرافي
- عبيد الوسمي.. الذي احترمته أكثر!
- مَنْ «صَنَعَ».. عبدالحميد دشتي؟!
- لماذا اجتاح «الإلحاد».. الكويت؟!
- مسلم البراك..«يبي يسجني؟!»
- الشيخ سعد العبدالله.. لم يمت!
- الإلحاد.. وناصر القصبي!
- لماذا سنقيم «فرانچايز اكسبو».. في دبي؟!