يعتبر انتقاد مشايخ الدين والعاملين في المؤسسة الدينية بالدول القائمة على خلفية دينية من المحرمات الشرعية المحظور تناولها علي المجتمعات والأفراد، فهم يتمتعون بدعم من السلطات الحاكمة التي تدفع إلى عدم تناول الأمور من الناحية الموضوعية واعتبار تصرفاتهم وأقوالهم من المسلمات التي لا يجوز الاقتراب منها، وقد أصبحت اليوم التيارات الدينية المتشددة تمثل خطراً كبيراً علي الدين فقد قاموا في تشويه صورة الإسلام في كافة أنحاء العالم، وجعلت منه دين اختلاف وأضاعوا مفهوم وطبيعة الإسلام السمح بما يشكل تهديد للأمن والسلام العالمي. وقد عانت المجتمعات الخليجية والعربية من تلك الهيمنة والتفريق بين المذاهب الإسلامية والاتهام بالخروج عن الدين وأتباع سياسية التكفير والسيطرة علي المقدرات الدينية وأصبحنا نعيش في حالة من الضياع والتناقضات والفوضى في الحياة اليومية علي جميع الأصعدة والأسباب هي الاختلاف علي قيادة لواء الدين والتناحر والطعن في المذاهب والطعن والمعتقدات الدينية حيث أصبح تصدير القتل والتشرد والظلم والقهر والجوع والعوز من الأطباق اليومية علي موائد النفوس الإنسانية. بسبب الكتب والفتاوى الدينية التي تصدر من علماء الدين الذين اختزلوا الدين السماوي وأصبحوا أولياء علية ووظفوا الدين لمصالحهم الشخصية الدنيوية فقد عانت المجتمعات الإنسانية من تلك الفتاوى التي أدت إلى ظهور المشاهد الإجرامية والصور البشعة التي تنشر بشكل متواصل في وسائل الأعلام المختلفة في جميع أنحاء العالم. ومن المؤكد إن حضارات الشعوب هي امتداد للوعي والتنشئة السليمة والتعليم الديني الصحيح ومن الطبيعي أن تنعكس علي مخرجات المجتمع فهي تساهم في النهضة والتطور. ولا يستطيع المفكرون والكتاب أو حتى القنوات الإعلامية إن تقترب من هذا الصرح المحاط بمجموعة تحصينات أو أن تنتقد التصرفات الفردية الخاطئة التي يقوم بها البعض من المنتمين إلي الشرطة الدينية والتي هي ناتجة عن الجهل بطبيعة الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعوا إلى الوسطية والاعتدال ونشر الدين الصحيح القائم علي النصيحة وعدم الإكراه في الدين ونشر الفضيلة والتسامح ونبذ التشدد والغلو والتطرف. وهي اليوم قد تحولت إلي دولة داخل الدولة وسلطة مستقلة تعمل على استغلال الدين ومحاربة الإصلاح وترفض التجديد ومواكبة التطور حتى باتت شرطة دينية تفرض أرائها وأفكارها المتشددة البعيدة عن تعاليم الإسلام.
والسؤال المطروح: هل إن مشروع أصلاح الخطاب الديني وفتح الحوار والمناقشة مع الحركات الدينية الأصولية المتشددة أمراً محرماً ومرفوضاً أن يتداول في وسائل الأعلام المختلفة أم إن هؤلاء منزهون عن المحاسبة ومعصومون من السقوط في الأخطاء الفقهية. ومن المعلوم أن فتح مجال مفهوم التحديث ومراجعة خطط العمل والتطوير الأساليب حول التعامل المباشر مع الشعوب سوف يغضب التيارات والمدارس الدينية علي جميع المستويات فقد يتطور إلي التصادم مع الحكومات. وقد أدي هذا التصادم عبر الزمن إلي اتهام المفكرين والكتاب الذين يدعون إلي مراجعة المفاهيم الدينية إلي ظاهرة جديدة من الفتاوى التكفيرية بالقتل والهلاك والاتهام بالخروج عن الدين والتكفير العلني الفوري.
وإن السبب في انتشار المتطرفين في المنطقة هو التعليم الديني الخاطئ ونشر الكتب التي تغرس مفاهيم الكراهية والمدارس الدينية التي تقوم علي الإرهاب الفكري. والنتيجة إن العالم العربي أصبح لا يعطي أهمية للدم العربي وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. وأصبح المجتمع العربي يعيش أفلام القتل والتشرد والتعزير والتمثيل بجثث الموتى والكثير من ضحايا الفتن والحروب الطائفية القائمة على دوافع السيطرة والهيمنة السياسية تحت ستار الدين وجمع الأموال والصدقات والتبرعات العينية وتوظيفها واستثمارها في أفعال أبعد ما تكون عن الأعمال الخيرية.
لا بد أن تقف الحكومات وقفة حازمة والنظر في تعديل المناهج الدراسية الدينية التي تدرس في كافة المراحل المدرسية، ومراقبة ما ينشر من كتب دينية وفرض الضوابط التي تحكم الخطاب الديني بما يضمن الالتزام بالوسطية وقبول الأخر واحترام كافة الأديان والمذاهب.