طالب أحد النشطاء السياسيين التعساء ـــ عبر مانشيت، غطّى نصف الصفحة الأولى من «الوطن»، قبل إغلاقها ـــ «داعش» بنحر رقاب أسراه من الشيعة، وان يتركوا له عشرة ليتلذذ بنحرهم! وورد بعدها بفترة في الأخبار المتداولة أن وزير الداخلية طلب من وزير التربية فصل ذلك الناشط، وهو من خريجي كلية الشريعة، و«أستاذ» في الجامعة، من عمله. ويبدو أن وزير التربية لم يرد على الطلب حينها، إما لغرابته! وإما لعدم اتباع القنوات المفترضة في تقديمه، وبالتالي لم يكن أمام وزير التربية غير التعلل، ومنعا للإحراج، من أن قرار الفصل يعود لهيئة التدريس، أو مجلس الجامعة (لا أتذكر الجهة بالضبط)، ولكن من جانب آخر قد يكون خبر طلب الفصل غير صحيح أساسا، ولكن الصحيح أن ذلك «المربي والمعلم الإرهابي» لا يزال، حتى كتابة هذه السطور، على رأس عمله، فيا لروعة ديموقراطيتنا، وانتظام عمل مؤسساتنا المدنية، خاصة عندما نشتهي القيام بشيء أو نشتهي عكسه!
بعد وقوع أحداث جامع الصادق الرهيبة، انتشر ثانية خبر طلب معالي وزير الداخلية من وزير التربية، وبنفس الطريقة المستغربة السابقة، فصل ذلك «المربي والأستاذ الجامعي» من عمله، ولا نزال ننتظر ما سيتمخض عنه الأمر ان صح.
ما يهمنا هنا ليس صحة أو عدم صحة الطلب، ولكن تبعات وجود ذلك الرجل حتى اليوم في منصبه الأكاديمي والتربوي، وهذا لا يدل على ضعف أجهزتنا الرقابية، وسابق ولاحق، تهاونها مع الفئات المتطرفة في المجتمع، وربما حتى احتضانها وتشجيعها لها، بل يدل على عمق الأزمة الأخلاقية والإنسانية التي نعيشها في الكويت منذ سنوات، والمتمثلة في التراخي الشديد في التعامل مع المتطرفين، والتشدد مع غيرهم من المواطنين الذين «قد» لا يشكل وجودهم أي خطر على أي مؤسسة حكومية، ومع ذلك حرموا من الالتحاق بوظائف عدة، ومنعوا حتى من التواجد قرباً منها!
فإذا كانت حكومتنا، بطريقة مباشرة أو غير ذلك، لا توظف فئة من المواطنين في وظائف محددة، فهل نلوم من يكفرهم ويفجّر مساجدهم، ويدعو لنحر رقابهم؟!
وبالتالي، إما أن تكون الكويت وطنا للجميع، وبطريقة متساوية، وإما أن ما يدعو إليه هؤلاء المتطرفون من تكفير لجماعة أو أخرى صحيح ومتفق عليه، حكوميا وشعبيا! فبقاء ذلك المدرّس الجامعي في عمله، واستمرار حظر عمل طائفة بذاتها، الذين، لأسباب كثيرة، لا أحسب عليهم، من التوظيف هنا وهناك دليل على الخلل الشديد في آلية اتخاذ القرار، ليس من الناحية الإجرائية والأخلاقية فقط، بل من الناحية السياسية، وهذا يعني أننا، لا طبنا ولا غدا الشر!