من الواجب علينا، وبكل اسف، ان نتفهم الاجراءات الامنية المشددة التي ستأخذ بها السلطات الامنية لمواجهة الارهاب الحالي. ولكن لن نتقبلها ولن نغض النظر عنها، خصوصا اذا ما طالت الحقوق المدنية والسياسية للناس. واذا ما تم استخدامها كما هو متوقع لحصار الحريات ولكبت المطالبات المستمرة بالانفراج والانفتاح السياسي، أو كما جرى بالفعل مثل الاجراءات التي اتخذت بحق «البدون».
سنتفهم الاندفاع الذي قد يسيطر على الحكومة في التشدد والتطرف في حفظ الامن. فدعوات علقوا المشانق واضربوا بيد من حديد، والقصاص العلني الى آخر المبالغات المعروفة بالتطرف والتشدد صدرت من مواطنين حسني النية ومعنيين بعودة الامن والامان. لكن بالطبع السلطات الامنية ستجد في هذه الدعوات وامثالها فرصتها الذهبية في مواجهة الحريات، وفي تقليص وانتهاك الحقوق السياسية للمواطنين، خصوصا من لديه رأي معارض او مخالف للوضع العام.
لقد زرعت الحكومات والسياسات السابقة بذور الارهاب والتطرف بتبنيها للقوى المتخلفة وحرصها على النفاق الديني، الذي عممته في كل مكان. بحيث اصبح الجميع على قناعة، وهي قناعة حقيقية مع الاسف، بان البلد بلد ديني، وان التظاهر بالتدين يقود الى القمة. لذا وجدنا الحجاب ينتشر واللحى تكث وتتزايد. سواء شكلا او موضوعا كان التظاهر بالتدين هو سيد الموقف في السنوات السابقة. وليس افضل مثال على ذلك سوى ترديد مسؤولينا الببغائي للآيات والاحاديث الدينية في خطبهم بمناسبة وبدون.
اليوم عندما يرتد السحر على الساحر. وعندما يصبح التدين والتطرف الديني خطرا على السلطات وعلى المجتمع. فان الناس ليس من المفروض ان يدفعوا ثمن اخطاء وخطايا الحكومات السابقة. وان الحل الحقيقي والدائم لمواجهة التطرف يتطلب التوسعة في الحريات السياسية والاجتماعية وليس كبتها.
مواجهة التطرف تتطلب الانفتاح، ضمان الحريات السياسية واعادة الحريات الاجتماعية التي اختطفها التطرف، والنفاق الديني الذي مارسه الجميع خلال السنوات السابقة. وغير هذا سيظل فرصة لتمدد التطرف والتزمت. المطلوب كما حددنا سابقا نزع الجبة وحلق اللحية الحكومية، واعادة المظاهر المدنية الحقيقية للكويت التي غطتها الحكومات السابقة بنفاقها الديني. وحذار.. حذار من المساس بالحريات السياسية والحقوق المدنية للناس بحجة مكافحة الارهاب وحفظ الامن.