إن مقولة «الضربات الجوية لا تحسم المعارك على الأرض» أصبحت في عصرنا هذا غير دقيقة، فبعض الحروب يمكنها حسم الأمر جوا، خاصة إذا كان الهدف الرئيسي للحرب هو تغيير ميزان القوى على الأرض أو تحييد بعض الأسلحة الثقيلة للخصم من المعارك كالدبابات والمدرعات والصواريخ الباليستية والتي ستكون أهدافا واضحة جدا وسهلة.
كل حرب تختلف عن الأخرى من حيث الهدف والشكل، فمثلا حرب عاصفة الحزم تختلف في أهدافها وشكلها ووسائلها عن بقية الحروب، فمن أولوياتها حماية بعض المدن اليمنية ومنها «عدن» من السقوط في أيدي قوات الخصم «اتباع علي صالح والحوثيين» وكذلك تهدف إلى تقديم الدعم الجوي من أجل مساندة «قوات اللجان الشعبية» التي تعمل على الأرض.
من المؤكد أن اليمنيين لا يحتاجوا إلى مقاتلين على الأرض من قوات التحالف الخليجي، فلديهم ما يكفي منها، وهم فقط بحاجة إلى قيادة وتوجيه وتسليح، وهذا ما تقوم به عمليات عاصفة الحزم.
هناك من يتخوف من أن يتورط الخليجيون بحرب اليمن كما تورط الأميركيون سابقا في حرب فيتنام، وتناسوا أن اليمن قريب جدا لنا كخليجيين، فهو جزء لا يتجزأ من جغرافية الخليج وأمنه بعكس الحالة في فيتنام وأميركا، كما أن الخليجيين لم يختاروا هذه الحرب بل أجبروا عليها بعد فشل جهودهم الديبلوماسية المتمثلة في «المبادرة الخليجية»، فالحوثيون وعلي صالح لم يريدوا للجهود الخليجية النجاح كما لم يريدوا لليمن الاستقرار.
ختاما، حرب عاصفة الحزم مستمرة في تحقيق أهدافها والمنطقة مازالت مستقرة، وردود فعل إيران مازالت محدودة، وربما هذا الهدوء الذي سبق العاصفة لن يستمر بعدها، فإيران تحاول ضبط نفسها حتى تنتهي مفاوضاتها النووية لعلها تحصل على قيود بسيطة جدا على أنشطتها النووية مقابل ذلك الهدوء.
ولكن ماذا لو لم تحقق أهدافها النووية في المفاوضات؟ هل ستزداد إيران عدوانية تجاه أزمة اليمن؟
وفي المقابل، ماذا لو تحققت أهداف إيران من المفاوضات؟ وأصبحت قاب قوسين أو أقل من أن تصبح دولة نووية؟ ما سيترتب عليه اختلال عميق جدا في ميزان القوى في المنطقة وعلى حساب الخليجيين الذي سيفكرون جديا في امتلاك الأسلحة النووية أيضا، وستدخل المنطقة في سباق تسلح نووي خطير جدا.
الخلاصة: على الخليجيين دعم حلفائهم باليمن وتنظيمهم ليشكلوا قوة عسكرية تعمل على الأرض، وان يتجنبوا قدر الإمكان التدخل البري المباشر إلا للضرورة القصوى، وعلينا أن نراقب الإيرانيين ونتيجة مباحثاتهم النووية وانعكاسها على حرب اليمن وميزان القوى في منطقتنا.