رغم أن جميع دول العالم القديم مرت بمرحلة ما يسمى بالحضارات التي سادت ثم بادت، أي علو شأنها في حقب معينة ثم انحسار تلك الريادة والسيادة عنها (اليونان، الرومان والبريطانيون والفرنسيون.. إلخ) إلا أن أحدا في تلك البلدان لا يقتات على تلك الأمجاد ولا يخدع الناس بالقول إن اتباع هذا المسار أو ذاك سيرجع لهم أمجادهم السابقة كما يحدث لدينا.
***
لذا تنفرد أمتنا العربية والإسلامية بتفشي ظاهرة «الأحلام المرضية» في أذهان كثير من القيادات السياسية والفكرية والدينية لتشغل الشعوب أغلب الوقت بالنظر الى الماضي واجترار قصص البطولات والعيش على بيع الأحلام الوردية الليلية التي تتحول في النهاية، وبسبب خطأ التشخيص الفريد وقلة العمل، الى كوابيس نهارية حقيقية تدفع الأمة أثمانها من دماء أبنائها المغرر بهم.
***
لقد أصبح بحق تاريخنا «أفيون شعوبنا» فهناك من يحلم بدولة الخلافة في عصر تساقطت فيه الامبراطوريات وآخر يريد عودة المعتصم ليغزو الأمم ويحرق المدن وثالث يريد العودة الى الدولة العثمانية أو الناصرية أو لزمن حسن البنا أو حتى لعهود الماركسية والستالينية والهتلرية (!) متناسين أن التاريخ لا يعيد نفسه قط، وأن من يخطط لمستقبله عبر النظرة الحالمة للماضي يدمر حاضره ويسقط بالتبعية مستقبله، وللعلم نحن الأمة الوحيدة على وجه البسيطة التي تقوم بذلك!
***
آخر محطة: للعلم.. من تقود العالم هذه الأيام ولأجل غير مسمى، لكونها وبعكس الحضارات القديمة تجدد دماءها وأفكارها وشبابها، هي الولايات المتحدة التي لا يزيد عمرها على 3 قرون ونيف، ولم يضرها عدم وجود تاريخ ومجد ماضوي تخدع به شعبها، لذا فلنسدل الستار على تاريخنا أفيون شعوبنا ونمحوه من أذهاننا ومناهج تعليمنا كي ننهض ونتحرك ونسابق الأمم الأخرى.. ثم بعد النهوض لكل حادث حديث.