التاجر الذكي قناص بطبيعته. هو بطل أولمبي في قنص الفرص. حتى إن اختبأت الفرصة، تجده يغمض عينه اليسرى، ويفغر فاه قليلاً، لمزيد من التركيز، وهوبااااا في قلب الهدف.
والكويت منذ سنوات تمر في فترة مكارثية طاحنة. قررت فيها السلطة (السلطة هنا هي مجموعة من النواب الفاعلين وبعض رجال الأعمال وأدواتهم من الوزراء والإعلاميين والمغردين) إقصاء كل من يحتج على “حفلة النهب الكبرى”، وعزله من وظيفته، وملاحقته في الشوارع العامة والأزقة الضيقة، بتهمة زعزعة الأمن، وتشويه صورة البلد، ووو…
وعن نفسي، ومن باب المصارحة، لم أذق الأمرّين. أنا ذقت السبعة والعشرين مراً. فبعد تجميدي المفاجئ في الوظيفة، وبعد إيقاف قناة اليوم التي كنت أعمل فيها، راحوا يطاردون تفاصيلي الأخرى. وقد أتحدث عن هذا الأمر لاحقاً. لكن ذلك لا يعني أنني تمددت حزيناً وعاجزاً على الشاطئ، أستمع إلى أغنية ظلموه. بل قررت، بما أن البلد مليء بالرشوة والابتزاز، أن أدخل في هذا المضمار بمشروع لم يُطرق بعد.
ومشروعي الذي سأبدأ به قريباً، كالتالي (أقوله هنا لأنني لا أخشى المنافسة ولا سرقة الفكرة، لقلة عدد الذين يمكنهم المنافسة): بما أن السلطة تستأصل كل من تشعر بأنه قريب مني، أو من المعارضة بشكل عام، وكل من يعجبنا أداؤه، وكل من نثني عليه… لذا سأمتدح كل مسؤول، ما لم “يرمي بياضو”، ويدخل يده في جيبه ويدفع الجزية لي وهو صاغر.
ويكفي أن أكتب في هذه الصحيفة أو في “تويتر”: “شكراً للمسؤول فلان الذي لم يرضخ لوساطات النواب ولم يكسر القوانين، شكراً لأنه أنجز معاملات الناس بلا واسطة، شكراً لأنه أنجز معاملات بعض المعارضين من دون النظر إلى اتجاهاتهم السياسية”.
وعليّ النعمة ثلاثاً لن يبقى في منصبه، بعد تغريدة كهذه، أكثر من أسبوع واحد، وهي مدة كافية للملمة حاجياته في شرشف، وتفريغ مكتبه، وتسليم العهدة. وخلال شهر سيشحت أبناؤه، وتولول زوجته، وتعطس وتعطس وتعطس، وتطلب الطلاق وتموت. وينفض من مجلسه أهل الرشوة، والعمولات بالنسبة.
فيا أيها المسؤولون «الحلوين»، أنتم تعلمون أن مناصبكم تدر ذهباً خالصاً، وتنقلكم من حال إلى حال، فإن كنتم تريدون الحفاظ عليها، والحفاظ على زوجاتكم من الموت عطساً، فادفعوا الإتاوة. ماذا وإلا فسيقرأ كل منكم مديحاً وثناءً عليه بقلمي المبارك. وقد أعذر من أنذر.