عمران لم يتجاوز الخمسة اعوام،مرَ على اعلان النظام حربه على شعبه اكثر من الخمسة اعوام.لم يرَ بعينيه شيئاً عن هذا العالم سوا الدماء والاصوات المرعبه للطائرات الحربيه التي تحلق فوق بيته ودوي انفجار البراميل المتفجره والقنابل العنقوديه،هذا ما رأته عينان الطفل السوري عمران قنديتش في هذا العالم،لا يعلم انه في هذا العالم جانب آخر يقع فيه اطفال من سنه تُحدق اعينهم امام اجهزة “الايباد”.
عمران الذي اهتز لصورته التي التقطها المصور محمود رسلان كوكب الارض كاملاً، بدأ مصدوماً يحدق بعدسة الكاميرا التي امامه بعد انتشاله من تحت الانقاض على أثر قاذفه اسقطها الطيران الروسي على منزله،نظراته تخاطب ما تبقى من ضمائر انسانيه في هذا الكوكب ،وتفضح المجتمع الدولي “العليل” وأممه المتحده العاجزه “نقولها بصفاء نية”.
التواطؤ لايقتصر على دعم عسكري او دعم مادي وسياسي للطاغيه يرتكب مجازر بحق شعبه،التواطؤ هو التزام الصمت بالوقت الذي يجب فيه الادانه بأشد العبارات،فلم تحتاج الولاية المتحده لأنقاذ حلفائهم الاكراد في سوريا من براميل النظام سوا تهديده وسرعان ماخضع الطاغيه لهذه التهديدات،اما النفاق هو ان تكون لديك القوه والنفوذ لأيقاف مجزرة وتكتفي بالأدانه الفجه،فالأمريكان عندما ادركو ضرورة انهاء الحرب الافغانيه زودو المجاهدين الافغان بمضادات الطيران فأنتهت الحرب بغضون اشهر بهزيمة السوفييت،هذا كله من نفاق وتواطؤ فضحته عينان عمران.
الرأي العام العالمي الذي افجعته صورة عمران ،هناك من ابكته وآخر توقف للحظه وتخيل بأنه ابنه من في الصوره وغيرهم الكثير،ولكن هذا كله لم يطل كثيراً في عصر السرعه والاخبار العاجله والمتداخله والبرامج المختلفه لم يعد الرأي العام سوا فواره مثلها مثل اي فواره متلاشية ،قبل هذه الصوره كان هناك صورة الطفل ايلان الذي وصلت جثته الى الشواطئ التركيه قادماً من مغامرة لجوء الى اوربا انتهت بغرقه في البحر المتوسط وقبلهم صورة الطفل جمال الاشقر الذي قتلته قوات النظام وهو يقطف التوت من شجره بجانب منزله،وغيرهم مايقارب ال٢٠ الف طفل بحسب التقارير الدوليه قصص موتهم لم تلتقط فظاعتها عدسة،فالصور عابره والازمه باقيه،والمجتمع الدولي ساكن ولايملك سوا التعبير عن القلق.
العلاقات والمصالح الاقتصاديه هي من تُحكم المجتمع الدولي لا الضمائر،شعارات حقوق الانسان تبقى شعارات تستخدم على شكل اوراق سياسيه في ظروف مكانية وزمانيه محدده ،هنا تكمن “العلة”،ويُكشف زئف شعاراته امام عينان عمران.
بعد انتشال الطفل عمران من تحت الانقاض يبقى السؤال: متى يُنتشل المجتمع الدولي من تحت الانقاض هو الآخر؟