مئة وخمسون مليون دينار، هي الميزانية المخصصة للعلاج في الخارج، طارت في الهواء شاشي، ولم يبق إلا أطلالها، وعاشقٌ يبكي على الأطلال. حدث هذا في غضون أربعة أشهر، في حسابات الفلكيين، وديوان المحاسبة، وروزنامة العجيري.
وحار الناس، لوهلة، بين اللطم على الخدود وضرب الكف بالكف. وكان لابد من اتخاذ القرار، وكان لابد من الحزم، فقرروا أخيراً ضرب الكف بالكف، مع كثير من الدهشة والحزن، وما خاب من حزم أمره واستعان بالله.
اللافت أن هؤلاء المندهشين المحزونين نسوا، أو تناسوا، أن الكويت دولة عربية، بحسب الدستور وشهود العيان، وأن عرب الجزيرة يقدّرون البشت ويجلّونه، وهذا ما فعلته حكومة الكويت التي نثرت هذا المبلغ حفاظاً على بشت الوزير وكرسيه. حفظه الله في مكان بارد، بعيداً عن متناول الأطفال، وأعداء الكويت الكامنين لها خلف الجبل.
ونسي الناس أيضاً أنه بالإمكان، وبسهولة لا تتجاوز طرقعة الأصبع، تعويض هذا المبلغ، من مصادر الدخل الحديثة، وأهمها المدينة المائية، المقامة على شاطئ مدينة الفحيحيل، التي تحمل سحنة ريو دي جانيرو وملامحها.
لكن يجب علينا الحرص على فتح أبواب المدينة المائية في الصباح الباكر من كل يوم، في الساعة السادسة مثلاً، فالرزق في البواكير، كما يقول الأولون. وعلينا أن نرش قليلاً من الماء أمام بوابة المدينة، ويا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، ثم نخصص صندوقاً بنكياً لأرباح المدينة، يشرف عليه وزير أوقافنا الفاضل يعقوب الصانع، المعروف بالزهد والتقوى، وندعو الناس إلى الحضور، ومن لا يحضر تُسحب جنسيته، ويُسلخ جلد جبهته… وستُفرج بإذن الله… دعواتكم بأن يحفظ الله بشوت وزرائنا وكراسيهم. يا رب.