بعد خمولٍ طويلٍ امتد سنوات، خرج المارد الحكومي من قمقمه، وقرر نثر ما في المحفظة على مشروع فخيم يليق بالكويت واسمها، فكانت “القرية المائية”، والعظمة لله. وحدووووه.
وهي قرية أعظم من قرية “أبو مانع”- رحمه الله- التي جلبها لأبنائه في السبعينيات، فزاحمناهم عليها.
وقد وُضع في هذه القرية المائية الحديثة، من الألعاب والمعدات المائية ما لا عين رأت ولا أنف عطس. فهذه “زحلاقية” خضراء فاقع لونها تسر الناظرين، وتلك “تفاخية” حمراء، وخلفها بالونة لازوردية حالمة تقبع في الزاوية، وهناك عجلة كبيرة، أو “قاري” كما في لهجتنا، يحمل صفات الكنغر الأسترالي، رجلاه أضخم من يديه بسبع مرات سمان.
وقدّر خبراء الألعاب تكاليف هذه القرية بأنها تفوق الثمانمئة دينار، دُفعت نقداً وعداً، وقيل بل تفوق ألفاً ومئتي دينار، وما زال التقدير جارياً على قدم وكوع، لمعرفة تكلفة هذه القرية التي تفوقت على “عيادة عباس العقاد”. وكان العقاد في السجن، بسبب كلمته تحت قبة البرلمان: “سنسحق أكبر رأس في البلد يخون الدستور”. وأصيب وهو في السجن بوعكة صحية، فطلب نقله إلى العيادة، فجاء السجانون بممرض غلبان طاعن في السن ليتولى علاج العقاد وهو في محبسه، وجاءوا بلوحة كتبوا عليها “العيادة” وعلقوها على باب العنبر.
وتطوع وزير إعلامنا، بيض الله وجهه بياضاً شديداً، فافتتحها بانشكاح لافت، وشرح للناس عظمتها، وبيّن إمكانياتها التي “تكسر التقليد”. وتعاقد تلفزيون الدولة مع شركة إعلامية لتغطيتها بمبلغ ضخم. وبث نقلاً حياً للفعاليات، على إيقاع الأغاني الوطنية، ودعا تلفزيون الدولة الرسمي السائحين الخليجيين وغيرهم للحضور، ليروا خيبتنا، أو عظمتنا، بأعينهم المجردة، من دون شهادة شهود، ولا أحاديث ركبان.
ويتحدث العارفون ببواطن الأمور، وخبراء السحر بالبخور: قد تفاجئكم الشركة صاحبة المشروع بـ”3 نسافات رمل”، ليتمكن السائحون من القفز على الرمل، والتدحرج من أعلى إلى أسفل. وقد تتطور الأمور فتجلب الشركة طائرات ورقية. فكل شيء جائز، في ظل هذه الحكومة التي لا تعرف المستحيل.
بقي أن ننبه السائحين الأجانب، خصوصاً الإسكندنافيين، إلى ضرورة المحافظة على عادات المنطقة وتقاليدها، والابتعاد عن الطرق المؤدية إلى المشافي، وعدم سرقة الفكرة. والأهم ألا يجلبوا معهم إبرة يقضون بها على قريتنا المائية، و”يفشّون تفافيخها”… وقرّب يا ولد قرّب، وتعال إلى الفحيحيل، عاصمة السياحة العالمية. قررررب.