كنت أظن أن تخلف البلد وترهله سببهما أن الحكومة “شايلة المرارة”، أي أنها بلا مرارة، وبالتالي لا تشعر بحرقة الفشل، ولا تمتلك دافع المنافسة.
مع أنني قبل ذلك كنت أتخيل مرارة المسؤول الكويتي الذي يسافر شرقاً وغرباً، ويشاهد ما يشاهد من مظاهر نهوض الأمم، كالشوارع والمباني والمستشفيات والمرافق العامة، أو يقرأ مثلنا خبراً على شكل “جامعة الكويت اليتيمة ليست من بين الجامعات الخمسمائة الأولى، ولا حتى الألف”، فيشتعل هذا المسؤول ويحترق ويتفحم من شدة الغيظ، وتلتهب مرارته، ويسقط، فيُنقل إلى أقرب مستشفى…
كنت أظن ذلك باعتبار أن هذا المسؤول يريد أن تعود الكويت إلى المنافسة، لكن إمكانياته وإمكانيات زملائه وبقية أعضاء الحكومة لا تسمح بذلك.
وعندما أقول أعضاء الحكومة فأنا لا أقصد الوزراء وحدهم، بل وكبار المسؤولين في الحكومة، من وكلاء ومديري هيئات ومن في مستواهم أو أقل من مستواهم.
أقول، مررت بفترة أيقنت فيها أن الحكومة بلا مرارة، لكنني للمرة الثانية أغيّر رأيي بعدما تبين لي أنها بمرارتين اثنتين، وكل مرارة أكبر من الأخرى وأكثر نشاطاً. بدليل أن التنافس بين المسؤولين محموم وشرس.
ومن يتابع عن قرب، أو يضع كاميرا تحت الطاولة، سيرى بوضوح شديد المكاسب الشخصية لبعض الوزراء والمسؤولين، ليدرك على الفور أن المرارتين تشتغلان بأقصى طاقتيهما، وأن التنافس بين مسؤولينا على أشده، وأنهم يتسابقون لتجميع أكبر عدد من النقاط والغنائم الشخصية قبل صافرة الحكم.
وإذا غضب البعض لتنامي ثروات بعض المسؤولين، فسنذكّره بأنهم بذلوا فيها جهوداً جبارة، فهُم يضعون علم الكويت على جيوبهم في كل محفل، ويرفعون أعلام الكويت في الأعياد الوطنية، ويشتمون مسلم البراك ليل نهار… وألف صحة وهناء.