قبل أن يتحول الكلام الناقد إلى سلبيات وآثار رفع الدعم عن أسعار الوقود إلى نص مجرم سيوافق عليه بالتأكيد نواب مجلس السوابق الحميدة، سنقول ما نشاء وأجمل ما في الأمر تلك الصفعة التي نزلت على الدروع البشرية والمتطوعين “المرتاحين”، وهم في خضم معركة “تفليش” الطبقة الوسطى، تلك الصفعة تجلت في صفقة المليار يورو لشراء 30 طائرة “كاراكال” من فرنسا.
ما حصل ليس بالأمر الجديد، ففي كل مواجهة تترك الحكومة دروعها البشرية والمتطوعين “المرتاحين” للقيام بدور الدفاع عن مشاريعها وقراراتها وبدون معلومات كافية في بعض الأحيان، وفي العطل الرسمية يقوم الفارس الملثم أو “مصدر حكومي رفيع” بتسريب ما يلزم من بنزين يستكمل فيه “المجالدون” الحكوميون طريق الكفاح بقية أيام الأسبوع. في “الزمانات” كانت الحكومة تطلق بالونات اختبار غالبا ما “يبطها” النواب الحقيقيون في المجالس الحقيقية، أما اليوم فيتخذ القرار ويعلن معه موعد التنفيذ لأن الحكومة تعلم أنها بمواجهة الجزء الرابع من برنامج التقليد المشهور “قرقيعان”، ولأنها تعلم أن تصريحات “سنذهب لآخر مدى” ستنتهي بمكالمة ملخصها “سامحني طال عمرك هالتصريح ضروري مثل الخوذة”.
أتعلمون ما القادم؟ دعونا من ردود أفعال الناس وساحة الإرادة، برأيي المتواضع لم يحن الوقت بعد لأن حدة الانقسام الطائفي والاجتماعي في أوجها ويا “بخت الحكومة فيكم”، القادم هو موجة قوية يركبها المئات من الانتهازيين الذين يطمعون بأخذ مقاعد “المناديب” الحاليين، رسالتهم: لو كنا مكانهم لما سكتنا ولو وصلنا لفعلنا، هؤلاء لن يتركوا لمحة حراك إلا سيحاولون إسنادها إلى أنفسهم وخطابهم السياسي مفتوح على أربعة شوارع، اليوم بنزين وغدا حلب وبعد غد اليمن وبعد بعد غد مسلم البراك.
هؤلاء الانتهازيون حان وقتهم لركوب موجة الغلاء، وأخبار الهدر ستمدهم بالثبات الكافي فوقها، وهنا سأعترف بأني أخطأت في تقدير رد فعل نواب السنة الرابعة، وقد كتبت عن ذلك في مقال سابق مبينا أن النواب الحكوميين يستأسدون عادة عندما يدخلون السنة الرابعة لضمان عدم خسارتهم الانتخابات، ولكن يبدو أن القياس على مجالس العمر الكامل قياس خاطئ لأن البعض قادر على الوصول إلى قاع يفوق الخيال والعلم.
في الختام لتبحث “ناسا” في الفضاء علها تعثر لنا على آخر “مدى” وصل له المندوب الشجاع الذي هدد الحكومة بأدواته الحادة لو رفعت أسعار البنزين، وأتمنى ألا يجدوه مستلقيا في “خضار” البوسنة وبجواره نصف “مندي” وكؤوس نصف ممتلئة باللبن “الخاثر”.