يروى في أثر سير الوزراء أن الوزير الأول في الولاية أراد أن يرتاح من مسؤوليات إدارة شؤون الحكومة، فأرسل إلى مستشاريه، فأشاروا إلى أن يسمي نائباً للوزير الأول للولاية، ويوكل إليه مهام سلطة الحكومة، وأن يطلب منه عدم إزعاجه بمشاكل الولاية لأنها مهمته، وأن يبلغه بأن مستشاريه سيحاسبونه، فاختار لمنصب نائب الوزير الأول أحد أصحابه.
وتولى المنصب، وفي اليوم التالي طلب عشرة ممن ذكروا له، فعيّنهم وزراء، وطلب منهم أن يباشروا أعمالهم من دون أن ينسبوا له أو يزعجوه بشيء، فخرج الوزراء الجدد إلى مكاتبهم، وطلب كل منهم معاونه، وقال له أنت محل ثقتي، اطلعني على ما ستقوم به من أعمال، ولكن لا تنسب لي شيئاً ولا تزعجني أبدا بأي مشاكل، وذهب المعاونون إلى مكاتبهم، وطلب كل منهم المديرين الذين يعملون معه، وقال لهم قوموا بأعمالكم ولا تتخذوا قراراً إلا بأمري، ولكن لا تنسبوا لي شيئاً ولا تزعجوني بمشاكلكم، فخرج المديرون وتساءلوا من يتحمل المسؤولية إذا لم يتحملها الوزير الأول، ولا الوزراء ولا المعاونون ولا نحن المديرون، فالتفت إليهم حاجب الوزير وقال أنا بالتأكيد، فهذا هو ديدنكم دائماً تبحثون عن البطولات والبهرجة الجماهيرية، وعند المسؤولية تبحثون عن كبش فداء من أمثالي، وهذا هو سبب تخلف الولاية وانتشار الفوضى وتغلغل أصحاب المصالح التجارية والخاصة وتخريب مؤسسات وأجهزة الولاية، وساعدهم في ذلك مجلس مستشاري الوزير الأول الذين صار همهم التكسب من أصحاب المصالح لا القيام بأمانة عضوية مجلس المستشارين، فضيعت مصالح الولاية، لأنه قد وُسِّدت المسؤوليات لغير أهلها، فتوارى رجال الدولة وساد أشباههم. فتذكرت أن هذه ليست من قصص السير، وإنما هي تعبر عن واقع مرير في بعض الدول.