ما يحدث في بعض دول المنطقة لن ينتهي مهما كثرت اللقاءات ووقعت الاتفاقات بسلام، بل ستستمر الحروب والالعاب الاستخباراتية دائرة مع بعض التوقف المؤقت والهدنات اللازمة للجولات اللاحقة حتى ينتهي الامر في النهاية، ليس بانشطار الدول المبتلاة لدولتين او ثلاث، بل ستستمر اللعبة ومعها تحول الحلفاء والاصدقاء الى اعداء حتى تخلق القيادات المخادعة دويلات عدة في كل بلد يصبحون فيه زعماء لا ينازعون، لذا ستستمر حروب العرب الاهلية الى اجل غير مسمى حتى يتحقق بعد سنوات مشروع خلق عشرات الدويلات العربية المتنازعة.
***
وللوصول لمشروع الدويلات القادمة ـ لا محالة ـ تُزرع زعامات ليست فوق مستوى الشبهات، وتُخلق في السر تحالفات بين توجهات تدعي العداء الشديد في العلن والحميمية الشديدة في السر، كما تتغير المواقف دون خجل او وجل بتغيير الاوامر الخارجية للقيادات المحلية، وإلا فكيف نفهم تحالف قوى القاعدة والزرقاوي وداعش المتشددة في العراق مع قوى البعث العلمانية والصدامية التي تكفرها؟ وكيف يتهم الرئيس المالكي الرئيس بشار علنا بالقيام بتفجيرات بغداد ثم يرسل ميليشياته للدفاع عنه؟ وكيف تسلم قيادات جيشه الموصل والرمادي وشباب معسكر سبايكر الابرياء لوحوش «داعش» ومخابرات صدام لإعدامهم وإثارة الفتنة؟!
***
وفي سورية تحول النظام البعثي من احتضان القوى الإسلامية المتطرفة التي كان يدربها ويرسلها للعراق كي تفجر وتدمر وتزمجر إلى معادٍ في العلن لها، فتقاطر على سورية شباب حزب الله اللبناني والحشد العراقي والأفغاني والباكستاني ليضحوا بأرواحهم في سبيل النظام الأسدي وضد داعش المتطرف الذي قدم للمقاتلة معه ضد نظام دمشق شباب السعودية والخليج وتونس وليبيا.. إلخ، لتكشف الصحافة الغربية للعالم أجمع قبل أيام قليلة أن نظام الأسد وبعثه السوري حليف في السر لقادة داعش من قيادات البعث الصدامي العراقي وانهم يتبادلون النفط والمنافع والمواقع كتدمر وغيرها، ومازلنا في انتظار اعتراض السذج من شباب الطرفين المتحاربين وعودتهم الجماعية لبلدانهم بعد أن انكشف المستور وظهر الملعوب الهادف لإثارة الأحقاد والنعرات الدينية والمذهبية والعرقية وتدمير البلدان العربية من قبل أطراف ليست فوق مستوى الشبهات ولأجل زيادة ثروات قيادات تقهقه في السر من سذاجة وغباء الأتباع ممن ستجعل من جماجمهم عروشا لدويلات متحاربة ستجلس فوقها!
***
وفي اليمن لا يختلف الوضع تماما، فبعد 6 حروب دمرت الأخضر واليابس بين علي عبدالله صالح والحوثيين، ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الموتى والمعاقين، ودمرت خلالها المدن والقرى والبيوت واتهموا بعضهم بعضا بالخيانة العظمى والعمالة للخارج لتحريض وتأجيج الأتباع على القتال، تصالحت الزعامات وتحالفت وانقلبت على الشرعية كي تشعل حربا أهلية جديدة ساعدهم فيها أن أتباعهم لم يسألوهم قط قبل أن يفتدوهم هذه المرة كذلك بأرواحهم ودمائهم.. لماذا تحاربتم 6 مرات؟ ومن كان المخطئ منكم في تلك الحروب؟ ولماذا تصالحتم؟ ومن يقول إن حربكم عادلة هذه المرة؟ وهل دماء شبابنا ماء كي تستبيحونه وتلعبون به؟ وكم حربا قادمة أعددتموها لنا؟ وإلى متى؟ وهل شعب اليمن عدو لكم كي تعرضوه لكل هذه المآسي والحروب؟!
***
آخر محطة: في ليبيا تتحالف قوى القذافي مع قوى داعش، ومع من أودعهم السجون ومن قاموا بتكفير فكره وأقواله ونظرياته وكتبه الخضراء، ضد الشرعية، ورغم كثرة اللقاءات والاتفاقيات وقلة السكان ووفرة الثروات إلا أن الإشكال الليبي سيستمر كحال غيره من الإشكالات حتى تنقسم ليبيا إلى عدة دويلات، وهو أمر قائم إلا أنه ينتظر الإعلان عنه عندما يكل ويمل الشعب الليبي من طول أمد حربه الأهلية التي قد تستمر لعقود، فيقبل بأي وضع قائم للخروج من المأزق.