ماذا يعني أن تكون مواطنا؟ ببساطة هو أن يكون انتماء وولاء الإنسان لوطن إقليمي محدد، وهو ما يعرف اليوم بالدولة الإقليمية، وهو لا يعني انسلاخه عن عروبته أو إسلاميته، فتلك عناصر مهمة في تكوينه وهويته الثقافية والقومية والفكرية، والولاء والانتماء، والذي لا يكون إلا لوطن إقليمي واحد هو السبب القانوني والسياسي الذي على أساسه منعت كل القوانين ازدواج الجنسية، بل ورتبت معظمها سقوط الجنسية عند الدخول بجنسية دولة إقليمية أخرى بحسبان أن مثل هذا الشخص فقد انتماءه وولاءه لدولته الأصلية.
وهو ما يفسر لماذا لا يمنع المواطن من دخول بلده، في حين يمنع غير المواطن، وهو ما يفسر أيضا أن تولي مناصب السلطات العامة الثلاث والخدمة العسكرية ودفع الضريبة وتمثيل الدولة في المحافل والبطولات يكون لمواطني الدولة فقط، ويحظر ذلك على الأجنبي ذلك، وهو سبب التزام المواطن في عدم القيام بأي عمل عدائي ضد دولته وإظهار الممالأة لدولة أخرى أو أي عمل يتنافى وانتمائه لها، فكل ذلك يدلل على محورية فكرة الولاء والانتماء للدولة الإقليمية.
ولئن كانت الجنسية أو الجواز هي الوثيقة التي تعكس ارتباط الإنسان بالدولة قانونا، ما يعني ولاءه لها فقط، ولذا فإنه وإن سمحت دول قليلة، لأسباب غير سياسية، بازدواج الجنسية، فإنه لا توجد دولة في العالم قاطبة تسمح بازدواج الولاء في أي حال من الأحوال.
وإذا كانت أميركا من الدول التي تسمع بازدواج الجنسية، فإنها من أكثرها تشددا في المعاقبة على ازدواج الولاء، فهي تلزم من يتمتع بجنسيتها بدفع الضريبة والالتحاق بالخدمة العسكرية، بل وتعاقبه بجريمة الخيانة إن انضم لمنظمة جهة أو دولة عدوة لأميركا، ويواجه عقوبات تصل للحبس المؤبد.
والكويت من الدول التي نظمت فكرة المواطنة والانتماء للبلد بنصوص دستورية وأخرى بالقوانين، بل منعت ازدواج الجنسية ومن ثم ازدواج الولاء، وذلك بنصوص قانونية مختلفة، ولكن للأسف فإن التطبيق العملي عطل تلك النصوص التي ترتب عليه تعدد صور ازدواج الجنسية، والأخطر إظهار البعض، بمجاهرة مرفوضة، ولاءه لجهات أو منظمات، بل وحتى دول أخرى، مع علمه بأنها متورطة بأعمال عدائية ضد الدولة، وهنا تأتي مسؤولية وزير الداخلية ومجلس الوزراء في اتخاذ إجراءات حاسمة في مواجهتهم، مما تفرضه القوانين، مثل سحب أو إسقاط الجنسية كما حدث مع بوغيث، بل وربما تقديمهم للمحاكمة بجريمة الخيانة أو ارتكاب أعمال معادية للدولة.