ذكرنا في مقال سابق أنواع صعوبات التعلم التي تنقسم إلى صعوبات تعلم أكاديمية و صعوبات تعلم نمائية ، و لكلا النوعين أنواع تندرج تحتهم، و في هذا المقال سنتناول أحد أنواع صعوبات التعلم النمائية و هو صعوبة الإدراك .
الإدارك هو أن يعي الإنسان ما حوله من أشياء أو أحداث باستخدام الحواس ، كما أنه يرتبط بعمليات أخرى أهمها الانتباه ، فيكون الإدراك نتيجة الانتباه على المثير الموجود ، و يترتب عليه صدور الاستجابة المناسبة ، من هنا تعرفنا على أهمية الإدراك في حياتنا ، حيث أنه يؤدي إلى حدوث ردة الفعل و التكيف مع الموقف .
لا تقل أهمية الإدراك في الناحية التعلمية عن نواحي الحياة الأخرى ، حيث أن التعلم لا يحدث بصورة عشوائية ، إنما نتيجة لسلسلة من العمليات النمائية و المعرفية ، فالأطفال خلال السنوات الأولى ينشغلون باللعب و الأنشطة التعليمية البسيطة و يكتسبون مهارات تؤهلهم للتعمق في التعلم و بالتالي الموضوعات الأكاديمية ، بشرط أن تتم كل من عملية استقبال الحواس و الانتباه و الإدراك للمثيرات التي يتعلمون من خلالها .
أنواع الإدراك :
١-الإدراك البصري :
هو ما يتكون لدينا من مفهوم أو فكرة نتيجة لمؤثرات بيئية بصرية عن طريق العين .
و يندرج تحته ؛ المطابقة – التمييز البصري – الثبات الإدراكي – إدراك العلاقات المكانية – صعوبة التمييز بين الشكل و الأرضية – الإغلاق البصري – التآزر البصري الحركي .
لكل من هذه المكونات تعريفا و اختبارات خاصة بها، و هذه الأنواع تؤدي إلى اختلاط الأمور لدى المتعلم ، و تؤدي إلى صعوبة القراءة أو الكتابة ، فلا يتمكن من رؤية أماكن الحروف بشكل صحيح في الكلمة أو أماكن الكلمات في الجملة ، كذلك صعوبة في التمييز بين أشكال الحروف خصوصا المتشابهة شكلا مثل (ج ح خ – ع غ – ف ق ..إلخ ) ( سنتناول ذلك بالتفصيل عند الحديث عن صعوبات الكتابة ) .
٢- الإدراك السمعي :
الأدراك السمعي هو. الوعي على مركز الصوت و اتجاهه و تحديد مصدره .
أهم أنواعه ما يتعلق بالتمييز السمعي الذي يعني القدرة على تمييز شدة الصوت و ارتفاعه أو انخفاضه و التمييز بين الكلمات المتشابهة و المختلفة ، و هناك أيضا ما يتعلق بتمييز الصورة – الخلفية السمعية و ذلك لاختيار المثير السمعي المناسب من الغير مناسب ، مثال على ذلك في الفصل ؛ عند قيام المعلمة بشرح الدرس يكون صوت المعلمة هو المثير السمعي المناسب و قد يكون هناك صوت المكيف داخل الفصل فيصبح كخلفية لصوت المعلمة ، هناك تظهر أهمية إدراك التلميذ لصوت المعلمة ( المثير المناسب ) و تجاهل صوت المكيف .
٣- الإدراك الحس حركي :
هو أحد أنواع العمليات العقلية المتعلقة بردة فعل الإنسان بعد استقباله لمثير ما عن طريق الحواس ، فتطهر الاستجابة عن طريق سلوك أو حركة .
هناك أنظمة لدى الإنسان و هي متخصصة بجمع المعلومات تسمى بالحواس أو الأجهزة الحسية ، و التي يمكن من خلالها التخطيط و التحكم في سلوكنا بموجبها.
فإذا فقد الإنسان إدراكه الحسي فلن يتمكن من تحويل الطاقة من شكل إلى آخر و لا تجهيز للمعلومات أو إرسال إشارات إلى أماكن عملها .
فاستقبال حاسة اللمس لإحساس الحرارة يؤدي إلى إرسال إشارات للمخ تدفع اليد لترك مصدر الحرارة ، و المحافظة على اليد من الحرق ،، و هكذا .
للإدراك أهمية كبيرة في حياتنا ، فهو الذي يحمينا من التعرض لمخاطر الحياة ، و له أهمية كبيرة في التعلم و قصوره يؤدي إلى صعوبات تعلم أكاديمية ، لذلك الآباء الذين لديهم أبناء يعانون من صعوبات في القراءة كقلب الحروف ، أو عدم التمييز بين أشكال أو أصوات الحروف ، أو الأطفال الذين لا يظهرون ردود فعل مناسبة ، ننصحهم بأخذ الطفل إلى الاختصاصيين لتطبيق اختبارات الإدراك المناسبة و التعرف على نوع الصعوبة إن وجدت ، بالتالي التعامل معها بالشكل المناسب .