آخر ما تحتاجه الكويت هو التأجيج الطائفي والنفخ على جمر الكراهية الطائفية، وإذا أظهر الكثير من أهل الديرة وحدتهم الوطنية وإدانتهم للإرهاب والفتنة الطائفية بعد جريمة مسجد الإمام الصادق، وكان سمو الأمير في مقدمتهم بزيارته الخطرة لمكان الجريمة، فإن زيارة النائب عبدالحميد دشتي لأسرة عماد مغنية، وبتلك البهرجة الإعلامية التي رافقتها، تعد انتهاكاً لمشاعر الكثيرين، واستثارة لروح الطائفية عند هؤلاء الذين رأوا في تاريخ مغنية صورة الإرهابي، المتهم بجرائم ضد الدولة الكويتية في الثمانينيات، أكثر منها لصورة البطل المقاوم لإسرائيل.
من ناحية، هو شأن خاص للنائب دشتي زيارته لأسرة مغنية وإيمانه المطلق ببطولة عماد في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وإن كانت مقاومة “العدو الإسرائيلي” لا تعطي صكوكاً وأذونات مسبقة للقيام بأي أعمال عدوانية نحو الكويت وغير الكويت، مما يمكن وصفه بالإرهاب، ورغم ذلك، يبقى للنائب دشتي حقه في ممارسة اعتقاده بحرية مما يتصوره عملاً من أعمال البطولة، ولكن، من ناحية أخرى، لم يكن بحاجة، وهو يفترض أن يمثل الأمة هنا، أن يثير حالة الاستفزار بتلك الزيارة بتسليط أضواء الإثارة الإعلامية عليها، وكان عليه أن يقرأ، قبل تلك الزيارة الاستعراضية، واقع المجتمع الكويتي وحالة الاستقطابات المذهبية التي تعصف بالمنطقة، فشيعة الكويت وضحاياهم ليسوا بحاجة، في مثل هذا الظرف، لمثل هذا الاستعراض السياسي الذي قدمه النائب عبدالحميد دشتي في زيارته لأسرة عماد، ولسنا الآن، من باب أولى، بحاجة لاجترار حوادث الماضي، من خطف الطائرات الكويتية إلى التفجيرات وغيرها، فالإدانة عند العقل المذهبي المغلق لا تتجه نحو مرتكبي تلك الأفعال الإرهابية تحديداً، كما يفترض، وإنما نحو الجماعة كلها من أهل المذهب الشيعي، فهل فكر دشتي في هذا قبل تلك الزيارة…؟!
يبقى التقرير، أياً كانت المواقف المتباينة لزيارة دشتي، برفضها أو عدم الاكتراث لها، أنه ليس هناك ما يبرر أن تخرج أصوات مخجلة تطالب بعقاب دشتي قانونياً، أو سحب جنسيته، وكأن أحكام القانون يجب أن تأتي على هواهم… فالقوانين تشرع لحالات وليس لأشخاص… ومجرد طرح مثل تلك النزعات التعصبية الانتقامية يخبرنا بأن هؤلاء الدعاة المطالبين بالانتقام لم يتعلموا من تجارب دروس مرة لمن سحبت منهم جناسيهم على غير مقتضى العدالة والقانون، فهل هذا ما يريده هؤلاء المتشنجون؟!