تعيش الكويت في اقليم ملتهب متسارع الأحداث، كثير القتل، والتفجير، والارهاب ، اقليم تغلغلت فيه الوحشية، والتطرف،والعنف.. انها باختصار مراحل لشرق اوسط جديد، مفكك، منهار القيم، تعلو فيه لغة العنف، وتغيب لغة التسامح والوسطية.
ولو نظرنا إلى جملة المتغيرات التي تعيشها المنطقة منذ فترة، نجد أن قيم إيجابية كثيرة اندثرت، إذ لم نعد نتقبل بَعضُنَا البعض، اختفت لغة الحوار، والعقل، وبرزت لغة السلاح، والسيارات المفخخة، والأحزمة الناسفة… ما الذي يجري؟ لماذا كل ذلك الجنون؟ ما الذي حدث لمجتمعاتنا؟ لماذا كل تلك الاستجابة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى إلى تدميرنا؟ لماذا ولماذا ولماذا؟
اعتقد بأن ذلك المشروع المدمر يقوم على عدد من العوامل التي تغذيه او اذا أردنا القول بأن تلك العوامل هي الوقود الدافع لنجاح هذا المشروع، أبرزها فشل المشروع التنموي لدول إقليم الشرق الأوسط وايضا دول شمال افريقيا (العالم العربي)، حيث أن السياسات التنموية في تلك الدول كان لها اثر عكسي على حياة شعوب المنطقة، فبدلا من أن تركز السلطات الحاكمة في خلق فرص العمل، ومكافحة الفقر والبطالة، وتطوير قطاعات الصناعة، والاكتفاء الذاتي، وخلق مجتمعات تنموية متقدمة ومتطورة على غرار تجربة ماليزيا وتركيا وسنغافورة، نجدها انشغلت بأمور حماية مكتسباتها الضيقة، وضمان استمرارها على سدة الحكم، دون إنجاز يضمن لها شرعيتها من خلال إنجازات حقيقية تعيش في رغدها تلك الشعوب، فنجد بدلا من توجيه ميزانيات ضخمة نحو دعم سياسات البحث العلمي والعدالة الاجتماعية وغيرها، توجه نحو تعزيز القبضة الامنية وتضخيم حسابات اصحاب النفوذ والموالين لها. حتى اندلع ما يعرف بثورات الربيع العربي التي كانت كرد فعل لسياسات دمرت دول المنطقة وجعلت منها دول هشه في مواجهة التحديات.
ثم ظهرت لنا الثورات المضادة ، وادخلت المنطقة في دوامة العنف والتمزق والانفلات، وفي خضم ذلك كله ظهرت لنا داعش ومخططاتها التدميرية التي تهدف إلى الاجهاز على ما تبقى من قدرات لدولنا العربية فأصبحت تضرب هنا وهناك وأجهزتنا الامنية في حالة شلل تام في مواجهتها، ان اجهزتنا الامنية دُربت بكل أسف على مواجهة الشعوب لا على مواجهة الاخطار الأمنية كخطر داعش واخواتها.
ان المتغيرات المتسارعة لازالت في بدايتها حيث تشير التقارير والدراسات الى ان هناك تشكل لتنظيم جديد قد يكون اخطر من داعش نفسها وهو ما يطلق عليه تنظيم (خورسان) سيكون دوره الحقيقي تقسيم دول المنطقة، وقد تكون الكويت احد أهداف واهتماماته القصوى، وبكل اسف بقدراتنا الحالية بالرغم من توافر كافة الإمكانيات المالية التي قد تساعدنا في مواجهته لن نستطيع مواجهته، مؤسساتنا ضعيفة، وتجهيزاتنا دون المستوى، وجبهتنا الداخلية مفككه… فماذا أنتم فاعلون؟
اعتقد بأننا بحاجة إلى إجراءات ملحه وضرورية، لمواجهة الاخطار التي تحوم حولنا.
نصيحة دعونا نعمل لمرة واحدة متحدين في مواجهة اخطار قد تهدد وجودنا وكيان الدولة التي نحبها ونعيش في كنفها.
اطلقو السجناء، وارفعوا شعار المصالحة مع المجتمع، دعونا نبني مؤسساتنا من جديد.
جهزوا الجيش بأحدث وسائل الدفاع، والشرطة لمكافحة الارهاب.
دعونا نعزز مشروع المواطنة، لنوحد جبهتنا الداخلية.. ولنقف صفا واحدا في مواجهة الخطر المقبل علينا.
ولكن كما يقال:
لقد اسمعت لو ناديت حيّا
ولكن لا حياة لمن تنادي