تمر ميزانية البلد بعجز مالي للعام 2016/2015 مقداره أكثر من 8 مليارات دينار، وهذا ما أكده وزير المالية أنس الصالح أثناء إدلائه بالبيانات الأولية للحساب الختامي.
قضية العجز المالي في ميزانية الدولة بعد تراجع سعر برميل النفط لمستويات مضاعفة، كان متوقعا في ظل إدارة الحكومة واستمرارها بنفس النهج المعهود المتمثل بالاتكال على دخل وحيد يكمن في تصدير النفط، ويصل اعتمادها على هذا المصدر اليتيم إلى نسبة 95% في ميزانيتها.
ومنذ عام 2000 حتى 2014 والحكومة تحصد الفوائض المليارية ومنه ما يرحل إلى صندوق الأجيال القادمة، فضلا عن ميزانية الاستثمارات الخارجية.
ولدي سؤال للحكومة: هل ستبقى الدولة معتمدة على دخل يتيم؟ وفي حالة نضوب هذا المصدر أو انحدار أسعاره إلى الأدنى وقد يصبح بلا قيمة في حال اكتشاف مصادر جديدة للطاقة فما هو حالنا بالضبط نريد أن نعرف ونفهم؟ وما هو حال أبنائنا الذين ينتظرون مستقبلهم؟
وسؤال آخر لأعضاء البرلمان: هناك فوائض مالية استمرت إلى أربعة عشر عاما تقدر بمئات المليارات؟ وهل منكم من يعرف أو وجه سؤالا لوزير المالية بشأن تلك الفوائض؟ وأين تم استغلالها بالضبط؟ ولماذا لم يتم استغلال تلك الفوائض في مشاريع كبرى سواء بالداخل أو الخارج لبناء بوابة دخل آخر يضاهي دخل النفط؟
وإن كان هناك استغلال لتلك الفوائض، أليس حان وقتها لتسد أي عجز في ميزانية الدولة بدلا من اللجوء إلى خيار إصدار السندات؟ وهذا ما طبقته دولة الإمارات والتي أعلنت عن أن النفط لم يعد دخلا رئيسيا في ميزانيتها بفضل مشاريعها الاستراتيجية والتي تعمل على وتيرة نجاح مستمرة وبتخطيط دقيق الأمر الذي يثبت تقدم الدولة نحو التطور الاقتصادي التنموي.
ماذا أفهم من عجز ميزانية دولة غنية وعدد مواطنيها لم يتجاوز مليون و300 ألف؟
هذا يعني إنذارا حقيقيا لا يبشر بالخير بمعادلة الاقتصاد الدولي ما دام ميزانية الدولة لم تعد تتحمل العبء، وللأسف أننا ما زلنا غير قادرين على البحث عن دخل آخر يسد الميزانية بمثل هذه الظروف المتوقعة، وعلى الحكومة اليوم أن تتحمل المسؤولية تجاه هذا العجز الذي يدعونا للقلق في المستقبل القريب، وأيضا على النواب أن يصحوا من سباتهم لمحاسبة المقصرين وغير هذا الأمر لم يعد مقبولا ما دام وصلنا لتلك الحالة.
وأعرف أن هناك من يسعى للتبرير وتحميل المسؤولية في اتجاه آخر يكمن في سبب انخفاض برميل النفط في الأسواق العالمية، هذا عذر أقبح من ذنب بل هذه الحقيقة التي تعكس عجز التخطيط نحو القراءة السليمة والواقعية والمنطقية للأحداث العالمية والتي على ضوئها كان يفترض أن تتخذ القرارات لأيام أو سنوات عجاف متوقعة.