نواصل في الحلقة الثانية من مقالنا تعقب أعمال وممارسات داعش، ربما ما يسعنا جميعا لفهم وإدراك الدور المرسوم لهذا التنظيم والأطراف المنشأة له أو الداعمة له.
1- تصب أعمال داعش بصورة واضحة في تحقيق الأميركان لاستراتيجيتهم بإضعاف السنة وتعزيز هيمنة إيرانية شيعية على المنطقة، لزرع أسباب الاقتتال الداخلي وتحقيق تقسيمها، فالمعارك والاعمال الإجرامية لداعش في العراق عززت من هيمنة الحكومة الشيعية في بغداد، وأضعفت وهجّرت السنة! أما ممارسات داعش في سوريا فهي تخلط الأوراق، فداعش يساند النظام من جهة، والنظام يفسح له المجال لاحتلال القرى والمدن بانسحاب مسبق، وأحيانا يتحالف مع النصرة وفي أحيان أخرى يتم الاحتراب بينهما. كل هذا يفسر الترتيب بين الأميركيين والإيرانيين والنظام العراقي والنظام السوري، وداعش!
2- «داعش» يفترض أنه تكوين لمجموعات متناثرة، فإن كان ذلك صحيحا، فإن قدرته على مواجهة جيوش نظامية وقدرته على التحكم بمناطق جغرافية شاسعة مع القدرة على التحكم والاتصال، تدل على مستوى محترف لجيوش نظامية ويبرز دور أميركا في القيادة، بل إن قدرة التواصل بالأقمار الاصطناعية والوسائط الحديثة تدلل على إفساح المجال للاتصال الفضائي لداعش، وهو تتحكم به أميركا، مما يؤكد أن داعش صناعة أميركية.
3- قيام داعش بقدرة هائلة على حشد القوات وتنظيم الهجوم على المدن في سوريا والعراق بتوقيت معلوم دون أن تتعرض له قوات التحالف بقيادته الأميركية بالقصف والتدمير، يؤكد الرعاية الأميركية لصنيعتها، بل إن حتى انسحابهم الجماعي من كوباني والرمادي وبأعداد ضخمة دون تعرضهم للقصف والتدمير يبرز أمركتهم.
4- وجود 12 ألف مقاتل أجنبي في صفوف داعش، وهو عدد لا يستهان به، يؤكد تواجد اعداد كبيرة من المخابرات الغربية والأميركية بينهم ومساهمتهم في القيادة وإدارة معارك داعش.
5- ان داعش، الصنيعة الأميركية، لا يمكن أن يمس إسرائيل أو يعكر صفوها، وهو ما يفسر أنه على الرغم من التواجد الجغرافي لداعش القريب من إسرائيل في سوريا وظهور لافتتها بسيناء في مصر، فانها لم توجه أعمالها الحربية لإسرائيل بل حتى لم تهددها ولو لفظيا، فإسرائيل ممحوة تماما من قاموس داعش ولا عجب لأنه صنيعة أميركية.
6- وجود النسق اللوجستي في إظهار لافتة داعش في أي دولة أو أي لحظة كما في ليبيا وتونس ومصر وغيرها، يشير، وكما يقول أحد الأصدقاء، إلى أن العقلية الأميركية في الانتشار في الدول المختلفة من خلال فكرة الـ franchising، تهيمن على من يقود داعش وكل ما يلزمه أن يرفع لافتة الفرانشايز لداعش أو ما أطلق عليه ISIS Incorporation الأميركية.
إن المخطط الذي تم رسمه للمنطقة منذ سنوات طويلة تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد، تم من قبل الأميركيين، وداعش هو احدى مراحله وأدواته وصولا الى تفتيت الأمتين العربية والإسلامية وتقسيمهما الى دويلات كثيرة مع تغذية عوامل التوتر واللااستقرار فيها، و«داعش» أفضل أدوات إثارة التوتر والقلق الديني والطائفي، فهل ندرك ما يخطط لنا حتى نتصدى لهذا المخطط برمته وليس لأدواته فقط التي نكتوي بنارها أو لإفرازاته فنفشل في إدراك المخطط والتصدي له؟