تعتبر دار الاستثمار واحدة من أكبر الشركات الاستثمارية في الخليج. وقامت الشركة بالعديد من الاستحواذات خلال فترة ما قبل الازمة العالمية، واستخدمت الديون لتمويل تلك الصفقات. وكان آخرها شراء شركة استون مارتن البريطانية. لكن بعد الازمة العالمية، تعثرت دار الاستثمار مثل باقي الشركات الاستثمارية في المنطقة. وعملت الشركة على الاستفادة من قانون الاستقرار المالي الذي تم إقراره سنة 2009 للحماية من الدائنين. لكن صدر حكم التمييز الأخير بتأييد حكم الاستئناف ورفع الحماية القانونية عن الشركة. لذلك تعود ادارة شركة دار الاستثمار إلى طاولة المفاوضات مع الدائنين. وقامت دار الاستثمار في الأسبوع الماضي بإدراج بند «الصلح الواقي من الإفلاس» على جدول أعمال جمعيتها العمومية المقبلة.
ويتناول هذا المقال اقتراحات عملية للخروج بأقل الخسائر للدائنين في حالات التعثر والافلاس بشكل عام. وفي حالات الافلاس تكون خيارات الدائنين محدودة وصعبة. ولا يوجد طريقة مناسبة لتنظيم سداد الديون الا عن طريق المحكمة، والتي قد تطول على مدى سنوات. وهنا يجب على الدائنين بالتفكير جدياً لإيجاد حلول سريعة تحمي ما تبقى من استثماراتهم وتجنبهم اللجوء الى المحكمة. لا شك في أن الشركات المتعثرة لديها أصول كبيرة، لكن من المحتمل جداً أن ديونها تتعدى قيمة اصولها في حالات التعثر المالي. ومع مرور الوقت، تستمر وتتراكم التكاليف الإدارية والقانونية ورواتب الادارة العليا مما يقلل قيمة الاصول المتاحة وبالضرورة يؤدي الى خسارة اكبر للدائنين. الوقت ليس في مصلحة الدائنين، لكنه يفيد الادارة الحالية. لذلك تكون مصلحة الادارة في تاخير اعادة الهيكلة، وهذا يتنافى مع مصلحة الدائنين.
والمعضلة الاساسية في حالات التعثر المالي في الكويت هي استمرار الادارة السابقة التي تمثل المساهمين والحرص على مصالح المساهمين بعد التعثر او الاعسار المالي. والمفروض ان يكون هناك تغيير جذري بأهداف الادارة بعد التعثر المالي. ويجب على الادارة الانتقال من حماية حقوق المساهمين الى حماية حقوق الدائنين. وسبب وجوب تغيير الأهداف هي انه في حالة الاعسار المالي من المرجح خسارة المساهمين كامل راس المال، ولا يستوجب الحرص على مصالحهم المنتهية. والاهم في هذه الحالة تقليل الخسائر المُحتملة للدائنين. لكن الغريب في الأمر هو استمرار الادارة بالعمل سنوات بعد الاعسار، وعدم الاكتراث لمصالح الدائنين. وهنا يكون السؤال لماذا لا يستطيع الدائنون تغيير الادارة؟ والجواب يكمن في عدم ملكيتهم لأسهم الشركة، وهي الطريقة الوحيدة لتغيير الادارة في النظام القانوني الحالي.
وفي حالات التعثر المالي يكون هناك فئتان من الدائنين. الفئة الاولى «الصناديق»، وهي الدائنون القادرون على شراء المزيد من الأسهم والديون. والفئة الثانية «البنوك»، وهي الدائنون غير القادرين على شراء الأسهم. والمشكلة هنا تكمن في ان البنوك قد لا يوجد لديها رغبة في شراء اسهم او لا يتناسب مع طبيعة عملها. وهو عمل يناسب صناديق التحوط Hedge Funds التي قد تسعى لشراء الأسهم والديون بسعر رخيص، ثم تغيير الادارة وإعادة هيكلة الديون لتحمي مصالحهم. وتكون الخطوة الاولى لدائني الفئة الاولى هو السعي لشراء اسهم الشركة من السوق غير الرسمي. ويفضل العمل مع الدائنين الآخرين لجمع اكبر عدد من الأسهم. والخطوة الثانية هي السعي لطلب انعقاد جمعية غير عادية، وتغيير مجلس الادارة وتعيين من يحمي مصالحهم. والخطوة الثالثة هي اتخاذ قرارات التسوية لمصلحة الدائنين الذين يملكون الأسهم. وتعتبر هذه الاستراتيجية المناسبة للخروج بأقل الخسائر. لذلك يكون ثاني افضل قرار لدائني الفئة الثانية هو بيع الديون للفئة الاولى التي يكون لديها الرغبة بشراء الأسهم وتغيير الادارة. لكن اهم عامل في هذه الحالات الحرجة، هو عامل الوقت. يجب الاستحواذ على عدد اسهم كافية قبل موعد الجمعية العمومية القادمة لتغيير الادارة وضمان عدم اللجوء الى اعلان افلاس الشركة التي يترتب عليها تعيين حارس قضائي واجراءات قانونية مطولة.
لذلك توجد فرصة للمستثمر الذي يستطيع التحرك بسرعة والاستحواذ على ديون واسهم الشركات المتعثرة بسعر مناسب، ثم تحقيق ربح بعد تغيير الادارة وعمل اعادة هيكلة مناسبة.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه