أصيبت الكويت قبل أيام قلائل بنكبة وفاجعة كبيرة هزت المجتمع الكويتي ألا وهي تفجير مسجد الأمام الصادق، واستشهاد 27 روحا مؤمنة بريئة على يد تكفيري إرهابي منتم لدولة داعش اللا إسلامية، لا ذنب لهم وقتها سوى الصلاة والسجود والتضرع لله عز وجل في يوم فضيل وفي شهر فضيل، فاستحقوا بحق لقب شهداء الصلاة والصيام.
شاءت إرادة الله تعالى أن تراهم شهداء كما شاءت إرادة الله أن يكون هذا الحدث الأليم سببا لتلاحم الشعب الكويتي وتكاتفه صفا واحدا مع بعضه البعض من جهة، ومن جهة أخرى كان سببا لأن يرى العالم أجمع مدى ترابط هذا الشعب مع أمير الكويت ذلك الحاكم والأب الحاني مع شعبه في الأزمات والمحن، مرسلا بذلك أعظم رسالة لذلك الفكر التكفيري الإرهابي على أن الكويت عصية على إرهابكم وقوية بعزيمتها وإرادة شعبها، بل وازدادت قوة.
وإحقاقا للحق يجب علينا أولا شكر أميرنا حفظه الله على وقوفه مع أبنائه صفا واحدا، فكلماته ودموعه وذهابه لموقع الحادث رغم الخطر قائلا «هذيل عيالي» قد دخلت قلوب الكويتيين جميعا وبينت مدى حرص الحاكم على شعبه وأبنائه، وكذلك أدائه للصلاة الموحدة في المسجد الكبير في مشهد رائع يجمع أهل الكويت جميعهم لهو مشهد يثلج الصدور ويخرس ألسنة أهل الفتن.
وشكر آخر مستحق لوزارة الداخلية ممثلة بوزيرها الشجاع على جهودهم الواضحة في حراسة المساجد وتوفير الحراسة اللازمة للمصلين.
وكذلك الشكر موصول لكل من تطوع من الشباب المؤمن لحراسة بيوت الله، جزاهم الله جميعا خير الجزاء وبارك الله في تلك الجهود الطيبة.
ولكن ماذا بعد التفجير؟
هل ما سبق يكفي لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية مستقبلا؟ أم هناك تدابير أخرى يجب أن نأخذها في الاعتبار؟
نعم هناك عدة تساؤلات قد تتواجد في أذهان العديد منا.. منها ما يلي:
1-هل يكفي تواجد الدوريات الأمنية كل جمعة وإلى متى ستستمر؟ شهر أم أكثر؟
أم سيعود الجميع لممارسة أعمالهم المعتادة ومن ثم توكل مهمة الحراسة إلى الشباب المتطوع؟ وهل سنضمن دائما وجود أعداد كافية من المتطوعين وقت الحاجة لهم وتترك الأمور تدار عشوائيا هكذا؟
2-هل سيتم تجريم الخطاب الطائفي التحريضي بشكل جاد وحازم والذي نشهده يوميا في وسائل التواصل الاجتماعي؟
أما آن الأوان لتفعيل قوانين ازدراء المذاهب والوحدة الوطنية من الداخلية ذاتها وتحويل كل من يثير النعرات المذهبية إلى المحاكمة درءا للفتن؟
فالمثل الكويتي يقول «طق المربوط يخاف المفتلت».
3-صلاة الجمعة الموحدة نعم مشهد رائع وجميل، ولكن هل سنراه يتكرر على شاشة إعلامنا كل جمعة؟
ألا نحتاج الآن لإعلام واع ورسائل توعية متكررة في إعلامنا الرسمي تهدف إلى تأصيل الوحدة الوطنية ونبذ التعصب وتحذير الشباب من الفكر التكفيري الإرهابي المنحرف؟
4- الأهم مما سبق جميعا، ألا نحتاج إلى استحداث إدارة أمنية متكاملة خاصة لمكافحة الإرهاب والتطرف؟
نعم نحتاج ذلك وبشدة، فكل من يقوم بهذه المهمة الآن هم منتدبون بشكل مؤقت وسوف يعودون لمهامهم السابقة، لذلك يجب استحداث إدارة خاصة لمكافحة الإرهاب ولحماية المساجد بشكل دائم وللإبلاغ عن أي خطر يتعلق بممارسات داعش الإرهابية، فالخطر لن يزول بهذه السرعة وليس من السهولة القضاء عليه سريعا.
وفي الختام لا يسعني إلا الدعاء لله تعالى بأن يحفظ الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه وأن يرد كيد الكائدين بها في نحورهم ويحفظنا جميعا من شرورهم.
ودمتم بخير.