يجب أن نستيقن، وبلا تشكك، أن «داعش» صناعة أميركية باحتراف، فمكان نشأته وترعرعه وأماكن تمدده وتكوينه وتحركاته العسكرية، وتلميعه الإعلامي، وحمايته وعدم وجود الرغبة في القضاء عليه، كلها تؤكد أنه «صُنع في أميركا».
إن تعقب تاريخ نشأة هذا التنظيم المسمى بـ«داعش» وفجائية تعاظم قدراته، التي جعلت منه عملاقاً رغم صغره، لمن الأدلة التي تعزز صناعته الأميركية!
لنستعيد ذاكرة التاريخ ونعيد قراءته معاً لندرك حقيقة «صناعة الأميركان لداعش»:
– ففي عام 1980، وبعد أن غزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان، نجح الأميركيون بفترة وجيزة من تمويلهم وتسليحهم لبعض المجاميع الجهادية الإفغانية بإقامة «زعامات أمراء الحرب الأفغان»، وكان ذلك سبباً في تواجدها القوي على الأرض للتأثير في الأحداث، ومن رحم أولئك الأمراء ولد «الأفغان العرب» و«طالبان» بمساهمة أميركية، لكنها لم تتحكم بهما كاملا ولم تحقق كل أهدافها.
أما في عام 1990 ـ 1991وبعد مساهمة الأميركان المباشرة في تحرير الكويت من الغزو الصدامي (الذي حصل بإيحاء منهم)، وصل الأميركيون إلى بغداد، وكادوا أن يسقطوا نظام صدام، ولكن صدرت الأوامر لشوارسكوف بالتوقف والعودة مما أثار غضبه وسخطه، ثم خرج علينا الأميركيون بتبرير ذلك أنهم لم يقوموا بترتيب بديل نظام صدام، وقد كانت تجربة أمراء حرب أفغانستان حاضرة بأذهانهم.
– منذ عام 1995 وحتى عام 2012 رفع الأميركان شعار محاربة الإرهاب، وكان محوره «طالبان»، الذي تحول بشكل سريع الى «القاعدة»، وعزز ذلك أحداث 11 سبتمبر، وكلاهما (طالبان والقاعدة) صناعة أميركية لخلق عدو بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي، فكان الخيار إجهاض صحوة الدول العربية والإسلامية بالإرهاب القادم منهم ومن الإسلام، وكان خير من يقوم بهذا الدور، محققا ذلك صنيعيها «طالبان والقاعدة»، حتى صار «القاعدة» يسيطر على الأحداث والأذهان والإعلام منذ 2001 حتى 2012، فلا يمر حدث بالعالم إلا ويقال إن فاعله «القاعدة».
– وفي عام 2003 تم إسقاط نظام صدام، وهو ما يعني أن الأميركيين صار لديهم البديل الذي لم يجهزوه قبل 13 عاماً! فمن هو بديلهم؟ اللعب بمتناقضات التكوين الطائفي للمنطقة، فوجدوا أن دعم إيران تمثل خيارهم من جهة، وإضعاف الأغلبية السنية هي الخطوة المقابلة من جهة ثانية. فمظاهر دعم إيران أكثر من أن تحصى، وبدأت مظاهر إضعاف السنة في العراق أثناء تواجد الإدارة والقوات الأميركية، وبالتزامن مع ذلك بدأت صناعة «داعش» عام 2005! فمن كان يتكفل برعايته وتمويله وتسليحه؟ فإذا كان الأميركيون هم المهيمنون على العراق، بالتأكيد لا أحد سواهم، وقد كان ذلك يتم بهدوء وترتيب مقصود، لذا لم يظهر اسم «داعش» إعلامياً بصورة واضحة إلا بعد أن هبّت رياح «الربيع العربي» الذي رتب له الأميركيون أيضاً.
– في عام 2011 ـ 2012 في خضم أحداث الربيع العربي يظهر «داعش» فجأة ويحصل على اهتمام إعلامي لا نظير له، ويكبر ويتعاظم خلال سنة، ليكون قوة ضاربة في عمق أهم دولتين سنيتين في قلب الأمة العربية (العراق وسوريا). ويتم حشد تحالف دولي كبير وتسليح متطور لدول المنطقة لمواجهته، التي يصفها الأميركيون بأنها صعبة وستطول.. وهو ما يثير التساؤل والاستغراب!
One thought on “لماذا أنشأت أميركا «داعش»؟ ولماذا تحميه؟ (1/2)”