الأميركان بلا وطنية. تم تفجير أبراجهم، ومات نحو ثلاثة آلاف شخص منهم، ولم يرتدِ نوابهم العلم الأميركي فوق ثيابهم، كما فعل نواب البرلمان الكويتي. شعب يمشي عارياً بلا وطنية… أقصد الأميركان.
الأستراليون أيضاً بلا وطنية. ليس لديهم إلا أغنية وطنية واحدة، خصصوها للنشيد الوطني وتحية العَلَم، وعلكوها إلى أن زال طعمها، وتغير لونها. ونحن الخليجيين نفرّخ سبعين أغنية وطنية في الشهر الواحد، وقبل أن تنهي سماع الأغنية، تتساقط في حضنك ثلاث أغنيات جديدة، وقبل أن تفتح كراتين الأغنيات الثلاث، تسقط فوق رأسك تسع أغنيات جديدة، فأوطاننا لا تعيش بلا أغانٍ.
وقبل فترة، سارع الأستراليون، يدفعهم الفضول وحب الجديد، للاستماع إلى أغنية وطنية جديدة تتحدث عن مدينة سيدني، وتبين أن هذه الأغنية من كلمات وأفكار مهاجر أردني، وفيها يفاخر بعظمة مدينة سيدني، ويعلن، كما جرت العادة في الأغاني الوطنية العربية، أنه سيقطع أو يكسر اليد التي ستؤذي سيدني، وسيرد كيد الأعادي، وسيفعل ويترك ويقطع وينزع ويمزع ووو، فاحتج القائمون على المدينة، بعد أن رحبوا بالفكرة، وطلبوا من الشاعر تغيير كلمات القطع والكسر وما شابه، واستبدالها بكلمات عن الناتج القومي، وحقوق المتقاعدين، ورعاية الطفل، ومكافحة التلوث الصناعي، وما شابه، واعتبروا أن كلمات الأغنية تجاوزت حدود “حرية الرأي” إلى بث الذعر في القلوب.
هؤلاء الأستراليون الجهلة لا يعرفون أن مكافحة التلوث الصناعي، ورعاية الطفل والمتقاعد لا تخيف الأعداء، بينما نحن أمة نسحق أعداءنا بالقصائد، واسألوا اليهود إن كنتم لا تعلمون.
ويعيب علينا بعض البلهاء تمسكنا بالقشور! والقشور مصدر الفيتامينات وموطنها، وأهمها وأكثرها فائدة قشور الدين، التي سأتحدث عنها في المقالات المقبلة، بعد أن أستمع الآن إلى أحدث خمس وعشرين أغنية وطنية نزلت إلى الأسواق في الأسبوع الماضي.