يقال إن خطأ طبيب قد يودي بحياة فرد، وخطأ فتوى قد تودي بحياة المئات. أما خطأ المهندس، فقد يتسبب في موت الآلاف.
كان اسم صهيب شيخ يعني الكثير للذين تعاملوا معه أو مع شركته Axact، فقد نجح صهيب في تغيير حياة الآلاف، ورفع مستواهم الاجتماعي، وتسهيل حصولهم على وظائف مرموقة، وبالتالي اقترانهم بأفضل المصونات، ومنحهم ما كان عصياً عليهم مقابل مبلغ مالي تافه!
وفجأة انهارت «إمبراطورية صهيب» في كراتشي، وألقي القبض عليه بتهمة «بيع» عشرات آلاف الشهادات المزوّرة، وفي الهندسة، ولشخصيات خليجية بالذات.
وبيّنت التحقيقات الأولية أن هناك 1700 شهادة مزوّرة حصل عليها خليجيون، منها 230 تقريباً في الكويت. ويعود الفضل في الكشف عن صهيب لـ«النيويورك تايمز» التي نشرت تحقيقاً عنه في مايو الماضي. وكان لافتاً تحرك وزير التربية الكويتي للكشف عن أصحاب هذه الشهادات المزوّرة. كما تعهدت الهيئة السعودية للمهندسين بنشر قائمة سوداء بأسماء هؤلاء النصابين، ومنعهم من تولي أي مناصب إشرافية، وبالتالي وضع حد للكثير من المشاكل الهندسية التي تواجهها مشاريع عدة. ونأمل أن تحذو الكويت حذو الهيئة السعودية، وتسارع في الكشف عن هؤلاء.
والسؤال هنا كيف سمح هؤلاء البشر لأنفسهم باقتراف مثل هذه الجريمة، والإضرار عمداً بأسرهم ومجتمعاتهم؟ الجواب يكمن في طرق ومواد التدريس في مدارسنا التي تزيد فيها الجرعات الدينية، وتقل فيها الجرعات الأخلاقية؟ فلو نظرنا لأقل دول العالم فساداً وأكثرها إنتاجاً، لوجدنا أنها تعطي المادة الدينية أهمية مناسبة، من دون تأثير في المواد الأخرى، تاركة للوالدين جزءاً كبيراً من مهمة التربية الدينية.
وفي خضم أخبار الكشف عن عصابة صهيب، واهتزاز الثقة في الكثير من حملة شهادات أعضاء جمعية الإخوان المهندسين، قامت هذه الجمعية، وبخلاف أي جمعية مهنية أخرى، بالإعلان عن دورة تحفيظ القرآن، خصصت لها مبالغ كبيرة. ومع احترامنا للغرض والهدف، إلا أنه ليس من أهداف الجمعية، ولا من نظامها الأساسي منح طفل في السابعة مبلغ 200 دينار مقابل عملية الحفظ، فهذا يجب أن يترك لجمعيات غيرها، خصوصاً أن شخصيات كثيرة وكبيرة تولي هذا الموضوع ما يستحق من عناية.
تقول حكاية إن مدير شركة صينية ذهل لرفض زبائنه العرب تناول الدجاج الذي قدم لهم، لأنه غير حلال، في الوقت الذي كان يطلب منه هؤلاء دائماًَ أن يصدر لهم بضاعته، بعد أن يضع عليها ما يفيد أنها من صنع اليابان. وهذه ظاهرة مستشرية، وتبين، إضافة لفضيحة الشهادات المزورة، أننا بحاجة ماسة إلى مناهج دراسية تحث على الأخلاق أكثر من من حاجتنا لأي مادة أخرى!