بهدوء ودون ضوضاء عاد مشروع قانون الإعلام الإلكتروني وبشكل مفاجئ وجدناه على طاولة اللجنة التعليمية في مجلس الأمة، مشروع صيغ بنفس بوليسي يجافي النفس الذي ساد في تاريخ الكويت السياسي واعتاد عليه أهل الكويت.
مشروع قانون يضع موقع مغرد في «تويتر» أو «الفيسبوك» يستخدمه ليعبر عن آرائه وأفكاره الشخصية، موضع قناة تلفزيونية أو موضع صحيفة ويحاسبهم على قدم المساواة، مشروع قانون يريد تكميم الأفواه وعد كلمات وأنفاس المواطنين، في وطن اعتاد أهله على الحرية، ومع ذلك قامت الحكومة بتجاوز المعارضة الشعبية التي ثارت ضده، واستمرت بهدوء في المضي قدما في مشروعها ودون تقديم ما يبرره أو ضرورته للشعب الكويتي الكريم.
فقد جاء في المذكرة التفسيرية التي تشرح مشروع القانون «حددت المادة 4 المواقع الإعلامية الإلكترونية التي يسري عليها هذا القانون وعددها 8 مواقع، منها المواقع الإلكترونية التي هي في الأصل مواقع خاصة كمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها ولكن بمجرد وضع محتواها في متناول الكافة تحولت تلك المواقع من خاصة إلى مواقع إعلامية تسري عليها أحكام هذا القانون»… وبما أن مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» هي في متناول الكافة فإن مشروع القانون يخاطب أصحابها وسيحاسبهم ويعاقبهم، فهل يعقل هذا؟
والحقيقة أننا عندما قدمت الحكومة مشروع قانون الإعلام الموحد للمجلس المبطل 2 ورغم ما فيه من ميزة جمع وتوحيد القوانين المعنية بالإعلام، سواء مرئي أو مسموع أو إلكتروني في قانون واحد، وبالرغم من انه لم يُدْخل المغردين في «الفيسبوك» و«تويتر»، ولم يكن فيه شيء إضافي مهم على ماهو موجود بالقوانين المطبقة «فقد شاركت في أحد البرامج التلفزيونية وقرأت أجزاء من المشروع، ولم أجد ما أنتقده في ذلك البرنامج» إلا أن الحكومة وعندما تعرضت لبعض النقد جمدت المشروع على الفور، إلا أنها وفي حال مشروع قانون الإعلام الإلكتروني الذي واجهته ردة فعل شعبية غاضبة، ومؤسسة على حقوق المواطنين في حرية التعبير في مواقعهم الشخصية التي كفلها الدستور، وبما لا يخالف القوانين الموجودة وحقوق الآخرين التي فيها ما يردع التجاوز من سب وقذف وإفشاء الأسرار وما شابه.. إلا أن الحكومة مازالت مصرة عليه، وأضح أن هذا الإصرار جاء بناء على دعم من أغلبية مريحة في مجلس الأمة.. ولكنني أذكّر الجميع بأن هذا القانون سيحول الكويت من بلد الديموقراطية وحرية الرأي وحرية التعبير، إلى دولة تقمع الرأي وتعاقب عليه بمخالفة الدستور الذي كفل حرية الرأي وحرية التعبير.. واذكّر بأنه حتى في حال أقر هذا القانون فإنه لن يطبق على أرض الواقع لأن الحكومة ستستحي من تطبيقه، فهو عندما يدخل حيز التنفيذ سيكون بين تجميده عمليا، أو تطبيقه بشكل انتقائي أو يبطل من قبل المجلس القادم في أحسن الأحوال، ولن يبقى منه العار الذي سيلحق بالحكومة والمجلس في صحائف التاريخ، فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح