من الطبيعي أن يكون لكل إنسان مجالات يجهلها، فيبذل جهده لتعلمها، أو يتجنب الخوض فيها لقلة درايته بها، لذلك لا يتجرأ ويخوض في ما لا يعلم.
كتبت السيدة سعاد المعجل مقالاً في القبس بتاريخ 2015/4/28، تناولت فيه الحكم الشرعي للحجاب في الإسلام، بطريقة غير عميقة، وقد اشتمل المقال على تجاوزات علمية ومنهجية لا يجوز أن تقع من شخص يفترض أنه ينتمي إلى الأوساط الأكاديمية!
ليست مشكلة كبيرة أن تكتب الكاتبة بهذه العجالة، فهذا داء منتشر بين معظم الكتاب، لكن المصيبة أن تخوض في أحكام شرعية، بطريقة بعيدة كل البعد عن المنهجية العلمية السليمة، وهنا تكون قد اقتحمت أبواب العلم وهي لا تملك أبسط أدواته، أو تكلف نفسها عناء البحث الجاد.
عندما تدعي السيدة سعاد بأن «الحجاب ظهر مع صعود تيارات الإسلام السياسي في مطلع السبعينات» وكأنه اختراع من قبل التيارات الإسلامية، وليس حكماً شرعياً معمولاً به على مدى 14 قرناً، فإنها ربما تكشف عن مدى استغراقها في خصومات حزبية ضيقة، حجبتها عن رؤية الحقيقة، وجعلتها تخالف الواقع والتاريخ والنصوص الشرعية!
لقد كشف مقال السيدة سعاد عن حجم التجاوز العلمي، والتقوّل على اللغة بغير علم، من خلال الادعاءات الباطلة التي ادعتها، حيث تقول وبتعميم: «الخمار الذي هو رداء للبدن ولا يوحي بغطاء الرأس وذلك وفقاً (لكل) معاجم اللغة».. وتكرر ذلك بكل ثقة فتقول «الخمار، وكما ورد في معاجم اللغة، ليشير إلى ما يستر البدن وليس الرأس». عندما تصدر السيدة سعاد حكماً كلياً فتقول «كل معاجم اللغة» فيكفي أن نذكر مثالاً واحداً من المعاجم يخالف هذا الحكم الكلي التعميمي لكي نبطل دعواها المغلوطة، فكيف إذا كانت هناك العديد من المعاجم التي تبطل ما ادعته السيدة من حكم جزافي، وإليكم بعضها:
(1) جاء في المعجم الوسيط ما نصه: «الخمار: كل ما ستر، ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها، ومنه العمامة، لان الرجل يغطي به رأسه».
(2) جاء في لسان العرب ما نصه: «الخمار ما تغطي به المرأة رأسها…».
(3) جاء في معجم تاج العروس ما نصه: «كل ما ستر شيئاً فهو خماره، ومنه خمار المرأة تغطي به رأسها».
هذه ثلاثة معاجم رئيسية في اللغة رجعت إليها على عجل، تكشف خطأ الدعوى التي ادعتها السيدة سعاد المعجل على اللغة.
لا بأس أن يجهل الإنسان مسألة ما، لكن مصيبتنا في من يجهل، ثم يُسخّر جهله ربما من أجل معارك ضيقة، فيغالط الواقع والتاريخ واللغة والدين!
ملاحظة: وردت في مقال السيدة سعاد مغالطات أخرى لا تسع المساحة لذكرها، وما سبق نقله عنها والرد عليه هو نموذج من طريقة تناولها للموضوع، وللقارئ أن يتصور البقية!