محاولة زعيم «حشد» أو رمز المعارضة الجديدة ترقية نفسه او تصحيح خطى المعارضة لن تكون سهلة. فرغم تفرد السيد السعدون – في نظري – في تلمس التحديات الحالية، وهو الامر الذي غفلت عنه تماما الاطراف السياسية الاخرى، رغم اشارتي الشخصية له في مناسبات واوقات عديدة وبعيدة، رغم هذا يبقى السعدون يحمل ارثا ضخما، او على الاقل بارزا من الاخطاء التي تشكل هوة عميقة بينه وبين الكثير من الناس الذين انتصروا للنظام وللشرعية ضد ترهات المعارضة الجديدة واوهام السيد السعدون نفسه.
قد يكون سهلا تلمس الطريق الجديد والاهتداء الى ما ضل عنه الاخرون، رغم صعوبة ذلك. لكن يجب الملاحظة، انه حتى الان فان السيد السعدون لم يحدد الطريق ولم يبدأ المسير، وكل ما طرحه حتى الان اشارات ورغبات في تدارس الوضع.
وهناك خوف كبير من انه، ومعه من سيتحلق حوله، سيظل يراوح في مكانه دون تحقيق النقلة النوعية الموعودة.
بغض النظر عن هذا، يبقى ان زعيم «حشد» قد وقع في اخطاء قاتلة خلال مسايرته لمغامرات وخطوات المعارضة المتطرفة وغير المحسوبة. خصوصا الطعن في ذمة القضاة واهانة السلطة التشريعية برمتها ممثلة في اعضاء المجلس الاعلى للقضاء. قد يتقبل الناس الطعن في ذمة احد القضاة، وقد يتناسون التشكيك في حكم احدى المحاكم. لكن من الصعب قبول الطعن في السلطة القضائية والتشكيك في نزاهة كبار مستشاري المجلس الاعلى للقضاء.
لقد كان الموقف من مشروع «الداو كيميكال» الذي كان يشكل اللبنة والخطوة العملية الاولى للكويت على طريق تنويع مصادر الدخل واستحداث دخول بديلة للنفط الخطأ الاكبر الثاني للسيد احمد السعدون. لكن يبقى انه خطأ غير منظور او محسوس. وليس في خطورة واهمية الطعن في القضاء.
لذا فانه من الاهمية بمكان ان يبادر السيد السعدون ان كان يسعى بالفعل الى استعادة مكانته السابقة لدى الناس، كل الناس، ان يبادر بتقديم اعتذار واضح وصريح للسادة ممثلي السلطة القضائية، وان يدين ويتنصل من كل الاتهامات والتشكيك الذي مارسته مجاميع المعارضة ضد السلطة القضائية، وان يعيد للسادة اعضاء المحكمة الدستورية بالذات اعتبارهم ومكانتهم القضائية التي حرصت كل اصوات المعارضة بمن فيهم السيد السعدون على تشويهها للنيل من مرسوم الصوت الواحد.