انتقاد أمين عام «حشد» السيد مسلم البراك للتيارات والأطراف السياسية ليس الوحيد وليس الأول أصلاً. فقد سبقه في هذا الانتقاد زعيم «حشد» أحمد السعدون. ولكن بالطبع هناك فرقاً كبيراً، سواء في الهدف أو في الطرح بين الاثنين. فانتقاد مسلم البراك مبني على موقف ذاتي نابع من تخلي هذه الأطراف عن البراك، بينما انتقاد السعدون مبني على فهم ورصد حقيقي لحال هذه الأطراف وللمهام التي تدعي الاضطلاع بها.
يهمنا هنا، موقف السيد السعدون. فهو في الواقع موقف يستهدف تطوير «المعارضة» وخلق أرضية وانطلاقة حقيقية وجديدة لها. فالسعدون يرى أو هو أعلن أن التيارات السياسية للمعارضة ليس لديها شيء تقدمه. صفر.. حسب تعبيره. فهي تنتقد الحكومة وتنتقد المجلس، ولكن ليس لديها بديل عنهما. أخطر من هذا، السعدون يطالب التيارات السياسية ببرامج وخطط واضحة. وبغير هذه الخطط والوضوح في الرؤية، فإن السعدون يعلن تخوفه من أن تكون هذه الأطراف هي جزء من منظومة الفساد التي تدعي محاربتها. أو أنها تزيح فساداً لتتربع مكانه.
كما كتبت في السابق، هذه نقلة نوعية في توجه السيد السعدون. تفتقرها حتى التنظيمات أو الأطراف الوطنية التقليدية التي لا تزال مثل جماعة المعارضة تتعيش على انتقاد التخبط الحكومي وعلى المواقف المعادية للديموقراطية التي عبرت عنها السلطة في العقود السابقة.
السعدون دعا بوضوح وإصرار، أيضاً، إلى ضرورة التصدي للواقع «بالغ السوء» حسب وصفه الذي تمر به الكويت. ولكن التصدي المطلوب في نظر السعدون ليس في تكرار انتقاد الحكومة أو التذمر من أفعال السلطة، بل في طرح رؤى بديلة وابتكار علاج وأساليب تطوير «شعبية» وجماهيرية للأزمات والتحديات التي تواجهها الكويت.
هذا ما نحن بحاجة إليه.. فنحن متفقون أن الكويت في حفرة عميقة. سياسياً واقتصادياً وقبل ذلك اجتماعياً تعاني الكويت من القيود التي تكبلها والمعوقات التي خلقها النظام الريعي وتخالف قوى الردة في السلطة في السابق مع مجاميع الردة الاجتماعية. ليس المطلوب التذمر أو تكرار الإشارة إلى هذه القيود، فهذا أمر مفروغ منه عند السيد السعدون. ما يدعو إليه اليوم هو ابتكار وتحديد وصنع الأدوات التي ستتولى تحطيم هذه القيود.
* هذا المقال يستند إلى كلمة السيد أحمد السعدون في ندوة المعارضة «الكويت المسير والمصير».