هناك الكثير الذي يمكن للعرب الفخر به، امور لا يشاركنا فيها أحد. فنحن أمة ولا كل الأمم، وكل ما عدانا لا شيء! وفخرنا بانسابنا وأصولنا يفوق فخر أي أمة أخرى، ربما لأن خواءنا أيضا يفوق خواء غيرنا!
نستخرج نفطا، أو يستخرجونه لنا، ونجني نقدا كثيرا، ومع هذا نبقى أكثر فقرا من غيرنا.
ندعي امتلاك تاريخ حضاري طويل، ولكننا لسنا بحضاريين في شيء.
ندعي امتلاك الحسب والنسب، ولكن نسرق بيوت وأوطان وأحلام بعضنا البعض، ونهتك أعراض أحدنا الآخر!
ندعي المعرفة وجهلنا واضحة معالمه، فلا معهد ولا جامعة لدينا تستحق الإشادة.
دخلنا يزيد على خمسمئة مليار دولار سنويا، ومع هذا لدينا اكبر نسبة مشردين ومهاجرين ولاجئين في العالم، أما الأميون بيننا فلا احصاء يحصيهم.
أخبار معاركنا في غوطة الشام وحلب وحماة وحمص والرقة وبغداد والموصل والرمادي والفلوجة وطبرق وطرابلس وبنغازي وتعز وصنعاء وعدن ومقديشو وسيناء تملأ نشرات الأخبار، بعد أن كانت تملأها أخبار معاركنا في القاهرة والاسكندرية وجوبا وجبل محسن ونهر البارد وصيدا وغزة وتونس ومصراتة، التي بدورها اخذت مكان أخبار سابق معاركنا وخلافاتنا وإراقة دماء بعضنا البعض في غزة ورام الله ونابلس وبيروت والقدس والكويت والبصرة وصلاح الدين والناصرة، والتي هي أيضا خطفت الأضواء من معاركنا الأخرى الدامية.
إسرائيل تحتفل باستقلالها السابع والستين، ونحن نحتفل بانهيارنا المستمر على مدى سبعة وستين عاما أو يزيد!
نحتج لأنها أقامت سورا منيعا حولها، متناسين اننا اقمنا بيننا، كأشقاء، أسواراً أكثر منعة وعلوا!
نخرج من محنة لنقع في نكسة ثم لهزيمة وفشل وتخلف أكثر، ونتساءل: هل من مزيد؟ انفقنا على التسليح وعلى قتل بعضنا البعض أضعاف ما صرفنا على الثقافة والتربية والتعليم، وانتهت الحال بنا بلا أدب ولا خلق ولا شيء نفتخر به أمام العالمين!
صفقنا وشجعنا وكبرنا وألّهنا طغاة، كصدام والقذافي، ثم تحسرنا، بغباء، عليهم بعد أن ذهبوا من غير رجعة، وتركوا أوطانا أكثر بؤسا وتعاسة مما كانت.
ندعو، كأمة، للأخوة والوحدة، ولكن القبلية تنخر في عظامنا، والطائفية تسري في دمائنا والطبقية تسود افكارنا!
يدعي الفلسطينيون واللبنانيون أنهم الأكثر فهما وتعليما وحملة شهادات، ولكنهم الأكثر كرها وتقتيلا لبعضهم البعض!
وتقول رسالة وجدت في جيب لاجئ سوري، من «خير أمة»، انتشلت جثته بعد غرق مركب تهريبه لأوروبا في المتوسط، أنه يعتذر لأمه لأنه سيغرق، ولن يرسل لها ما استدانه لدفع تكاليف تهريبه لأرض الأمل. ولن يصل لها دواء المعدة وتكاليف علاج اسنانها المهترئة، ولكن اسنانه ستصبح خضراء من أثر طحالب البحر..! ويختم رسالته، ومقالي، بشكر سمك البحر الذي سيتقبل «لحمه» من دون فيزا ولا جواز سفر ولا مقابلات لا تنتهي، بعد ان رفضت الدول الشقيقة استقباله.