تحتاج الكويت في هذه المرحلة إلى حركة وطنية جامعة، تهدف إلى إعادة تصحيح مسار الدولة ومكافحة الفساد وتسريع وتيرة التنمية وإطلاق الحريات العامة بشكل أكبر، وتبرز بذلك ثلاثة أسباب على الأقل تتطلب هذا النوع من التكتلات، إقصاء فصائل المعارضة ومكونات الحراك الشعبي، تراجع مستوى الحريات العامة، بالإضافة إلى تمهيد الطريق نحو تطوير النظام الديمقراطي الكويتي.
وقد ثبت نجاح هذا النوع من التحالفات الواسعة في حالات مشابهة ، أو ما يطلق عليه في أدبيات السياسة «الأحزاب عابرة الأعراق والأديان».
ففي الهند هناك حزب المؤتمر الذي كان يناضل من أجل الاستقلال حتى 1947 ثم لعب دور الحزب الوطني الجامع بعد الإستقلال، وهو يحكم الهند منذ الاستقلال وحتى اليوم (فيما عدا فترة قصيرة في السبعينيات)، وحقق للهند وحدتها ونهضتها حتى صارت الهند من الدول المرشحة لدخول نادي الدول العظمى بعد عقد أو عقدين من الزمان، كما تقدر الكثير من الدوائر البحثية في الغرب.
وفي ماليزيا هناك «حركة أمنو» التي تحكم البلاد منذ الاستقلال وحتى الآن على نفس نمط حزب المؤتمر الهندي، كما أن حزب العدالة والتنمية التركي يسير على نفس المنوال بتحالفاته الواسعة وقدرته على توسيع دائرة مؤيديه وسط طبقات وفئات مختلفة في المجتمع.
وفي العالم العربي، حاولت بعض الأحزاب العربية قبل وفي أعقاب الإستقلال لعب ذات الدور الوطني الجامع، كما حدث مع حزب الوفد في مصر الذي تشكل كمظلة وطنية جامعة، وجبهة العمل الوطني في سوريا، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر، وحزب الإستقلال في المغرب، فهناك عوامل كثيرة أفشلت هذه المحاولات منها سيطرة العسكريين أو تشتت النخب أو تدخل الخارج.
والسؤال هنا: هل تستطيع أبرز التيارات السياسية الكويتية كحركة العمل الشعبي «حشد» والحركة الدستورية الكويتية «حدس» والمنبر الديمقراطي الكويتي، وغيرهم، القيام بذلك الدور؟ وهل ستكون تلك الحركة الوطنية الجامعة متاحة لتضم الجميع؟، أم سيكون هناك نفس إقصائي وتشاحنات بين مختلف التيارات من أجل كسب مساحات لا تغني ولا تسمن من جوع؟، أم ستكون هناك رؤية جديدة تدفع نحو عمل سياسي رشيد قائم على منهجيات وقواعد وأسس سليمة؟.
إن معالجة المشكلات التي تمر بها دولة الكويت على المستوى الاقتصادي والسياسي أمر ليس باليسير، بل هو أمر معقد لأبعد الحدود، في ظل توفر كافة الامكانات التي قد تجعل من الكويت بلد مزدهر ومتطور، ولكن نتيجة أسلوب الإدارة المتبع والذي يتصف بالسلبية، جعلنا نتراجع على كافة المستويات، حتى تم وصف الكويت بأنها «كويت الماضي»، وبذلك فإن هذا الأمر لا يحتمل التنافس والصراع بين القوى السياسية المختلفة.