علينا كدولة ومجتمع مراجعة النفس ونقدها لتقييمها على اسس علمية جديدة.. فبعد ان ثبت بالدليل القاطع فشل التعليم العام من خلال ضعف مخرجات التعليم الجامعي والتدريب .. كشفت الدراسات الاجنبية من خلال الخبراء البريطانيين الذين استقدمتهم وزارة التربية لتقييم المدارس الخاصة في تقرير عن ان %47 من المدارس الاجنبية ثنائية اللغة العاملة في البلاد ضعيفة المستوى وان غالبية تلك المدارس تطغى عليها الرغبة الجامحة في تحقيق الربح المادي السريع قبل الاولويات التعليمية الضرورية.
وأكد التقرير ان أداء %88 من المدارس ثنائية اللغة ضعيف جدا وان اداء %65 من المدارس ذات المنهج البريطاني غير مقبول فضلا عن أن %50 من المدارس التي تتبع المنهج الامريكي اداؤها غير مرض، اذ بين التقرير ان مدارس بريطانية وامريكية قليلة جدا توفر جودة تعليمية مقبولة.. جرد التقرير المدارس ثنائية اللغة من تسميتها معلناً انها تطبق منهجين غير مكتملين ولا يتصلان ببعضهما وبالتالي فلا فائدة تعود للطلاب من هذا التميز، لافتا الى ان هذه المدارس تفتقر الى القيادة الادارية الماهرة كما يزخر بعضها بمعلمين لا يملكون الخبرات ولا الكفاءات اللازمة لفههم المنهج الدراسي وتطبيقه بشكل سليم (راجع السياسة الاحد 19 ابريل).
ما طرحه الخبراء الاجانب عن التعليم في المدارس الخاصة صحيح، وعلينا ان نشكر وزارة التربية على اتباعها المنهج العلمي في التقييم لمدارسنا العامة والخاصة.. لكن يبقى السؤال من المسؤول عن تردي التعليم العام والخاص؟ اتصور، وقد اكون مخطئا، ان المسؤولية جماعية.. فالحكومة ليس لديها متخصصون تربويون في كل المجالات.. فاستعانت سابقاً بالمدرسين المتميزين من فلسطين وكانوا مثالاً للاداء والاخلاص والحزم في تدريسنا وكان المجتمع الكويتي يدعم التعليم العام بالوقوف مع الاساتذة الافاضل في التعليم.. لكن سياسة التكويت ودخول السياسة في العمل التعليمي وهيمنة الاخوان المسلمين على وزارة التربية لفترة تزيد على 30 عاما نحصد اليوم نتائجها بتردي التعليم العام.
نعود للتعليم الخاص.. التقرير البريطاني ركز على جشع المدارس الاجنبية وسعيهم لتحقيق الربح السريع وهذا صحيح.. لكن ليس من العدل والانصاف لهم لوحدهم، فالحكومة ممثلة بوزارة التربية لم تؤد واجبها المطلوب بالجلوس مع اصحاب المدارس ووضع تصور واضح ماذا تريد الحكومة من التعليم الخاص.. ما النهج الذي تريد من المدارس الخاصة اتباعه؟.. هل تريد تعليما تلقينيا.. يعتمد على الحفظ مثلا ام تريد تعليما حديثا يعتمد على آخر المناهج المتبعة في كل دول العالم؟ والمناهج الجديدة تتطلب مدرسين اجانب أو عربا متخصصين وهؤلاء مكلفون جداً وكل دول العالم تتسابق على اقتناء أفضل المدرسين الاجانب.. السؤال هل الوزارة مستعدة ان تترك الامر للمدارس ليصارحوا الاهالي بأن التعليم المتميز يتطلب مدرسين متخصصين ومكلفين، في دراسة عن تكلفة التعليم الخاص في العالم وجدت ان تكلفة التعليم أو ما يدفعه الاهالي لابنائهم في بنغلاديش اكثر من الكويت، نحتاج الى دراسات توضح للشعب ما التكلفة الحقيقية للتعليم المتميز.
ثانيا: كيف يمكن الرقي بالتعليم في المدارس الخاصة الاجنبية والحكومة من خلال ادارة التعليم الخاص التي تتدخل في كل شيء، ولو كان المسؤولون عن هذا القطاع يعرفون ويعون ماذا يتطلب التعليم الحديث لقبلنا رأيهم لكن التعليم الخاص ومن خلال العاملين كل همهم التدخل في الرواتب التي تدفع للمدرسين والسؤال عن تدريس مادة التربية الاسلامية واللغة العربية، المدارس الاجنبية تريد تدريس المناهج المطورة في كل من عمان ولبنان للغة العربية والتربية الدينية، لكن موظفي الحكومة في التعليم الخاص أو ادارته يرفضون.
الحديث عن مدارس التعليم الثنائي الذي انتقد التقرير البريطاني مستواهم صحيح، لكن التعليم ثنائي اللغة صعب ومكلف ولم تنجح في هذا الطريق الا كندا.. فالكنديون ربطوا التعليم باللغة الانجليزية مع التعليم في اللغة الفرنسية بشكل متجانس ومترابط ويكمل بعضهما البعض، نحن في الكويت نريد من المدارس الاجنبية تعليم ابنائنا تعليما متميزا في اللغة والعلوم وكل المهارات الجديدة في اللغة الانجليزية «خصوصا الرياضيات والعلوم وغيرهما» وهذا شيء مطلوب، لكن وزارة التربية والاهالي يطلبون تدريس اللغة العربية والتربية الدينية والاجتماعيات وغيرها باللغة العربية وحسب مناهج وزارة التربية المتخلفة، وعندما تطلب المدارس الخاصة تطوير المنهج ليواكب روح العصر يرفض المسؤولون من التعليم الخاص ذلك.. يا جماعة تطوير التعليم يحتاج الى حركة مجتمعية نشطة تريد تحديث نفسها وليس مجتمعا يتحلطم ليلا ونهارا ولا يعمل ولا ينتج ويلوم الآخرين.