انتشار وتداول خبر ضبط أحد نواب مجلس الأمة، وهو يغش أثناء اختباراته في إحدى الجامعات المصرية في الأسبوعين الماضيين، رغم نفي العضو شخصياً حدوث هذه الواقعة، وإعلان السفارة الكويتية في القاهرة أن قائمة من ضُبطوا بالغش المرسلة من الجامعة تخلو من اسمه، ظاهرة أياً كانت صدقيتها من عدمها، تحتاج إلى التوقف عندها.. فهي وظاهرة تزايد أصحاب المناصب والشخصيات السياسية أو الإعلامية في الحصول على المؤهلات العليا، خصوصاً الدكتوراه في مرحلة يغلب عليها «الشك»، وتحوم حولها «الشبهات»، خصوصاً عند ربطها بالجامعات «المانحة» لتلك الشهادات و«توقيتها» والمرحلة العمرية التي حصل فيها هذا الشخص «بهذا السن» على الدكتوراه، رغم علم الجميع بانشغالاته أو ارتباطاته، وأنه لا يملك وقتاً للدراسة، بل والأهم «همة الدراسة والبحث العلمي»، الذي يحتاج إلى ذهن صافٍ، وتفرغ كامل، وقدرة على البحث والاعتكاف في المكتبات وقراءة الكتب!
ومن ثم فإعلان أحدهم أنه فجأة حصل على «الدكتوراه» أو أن اسمه قد سُبق بحرف «الدال»، يثير التساؤل والشبهات والفرضيات التي لا يجوز السكوت عنها والتسامح بشأنها، ما لم يكون هناك يقين بأن هذا الشخص فعلا قد انصرف كلياً للدراسة وكرَّس وقته لها، ودلائلها التفرغ وحيازة العلم الحقيقي لا الشهادة الشرفية بالورقة المسماة «دكتوراه» أو غيرها، وتَر.د إليّ خاطرة أوردها في إحدى المرات أحد الزملاء عن هذا الموضوع، قائلا إن «الدال» ربما تعني «دنبك» أي دكتور مثل «الدنبك خالي من كل شي إلا الصوت»، قاصدا ظاهرة الدكتوراه بالمراسلة أو الانتساب.
ملف الشهادات المزوَّرة والوهمية والحصول عليها بأساليب وطرق تدل على أنها «مُنحت» بمقابل وليس بدراسة، يتطلب أن تتخذ إجراءات في مواجهة الجامعات المتورّطة بذلك والأشخاص الحاصلين عليها، ومن ذلك تحديداً الدكتوراه، وأتمنى أن تطلق يد الجهات الإشرافية في وزارة التعليم العالي لاتخاذ إجراءات حاسمة لإلغاء هذه الشهادات، ولوقف تلك الجامعات بعيداً عن ضغوط النواب الذين صار بعضهم طرفاً متورّ.طاً في الحصول على هذه الشهادات «المشبوهة»، كما الحال في قصة النائب والغش والنفي والتأكيد الذي يدور حول موضوعه، ما يفقده اعتبار تمثيل الأمة، إن صح ذلك.
* * *
الصوت الواحد ليست تجربة ناجحة
أود أن أشير إلى اندفاع «نيابي ـــ حكومي» محموم إلى تعميم تجربة الصوت الواحد في انتخابات الأندية الرياضية، والجمعيات التعاونية، واتحاد الطلبة، رغم أن تجربة الصوت الواحد لمجلس الأمة فيها مثالب وعيوب كثيرة تفوق نظام الانتخابات السابقة، فهي ليست تجربة ناجحة لتعميمها، بل أضرارها الاجتماعية والسياسية والقانونية أكثر من منافعها، فـــ «الركادة» مطلوبة وسأخصّص مقالي المقبل لها.