أقرب توصيف للحوثيين، وما يفعلونه في اليمن، هو أنهم نسخة يمنية لـ”داعش” في العراق، وإن اختلفت الأساليب، فمثلما فعل “داعش” في العراق، وقام باحتلال الموصل، معتمدا على التعاون مع فلول “البعث” وضعف النظام الأمني في الموصل، ما أدى إلى استسلام القوات أو هروبها، من دون أي مقاومة تذكر، ثم انطلق من الموصل إلى احتلال الرمادي، فتكريت، حتى اقترب من تهديد بغداد، وأصبح يسيطر على رقعة في العراق أكبر من مساحة سويسرا.
الشيء نفسه تكرر في اليمن، الحوثيون كانت معاقلهم في صعدة، في أقصى الشمال الشرقي من اليمن، وخاضوا فيها 6 حروب مع نظام علي عبدالله صالح في الفترة من 2004 إلى 2010، وكما حال “داعش” في العراق، انطلق الحوثيون من صعدة إلى عمران والجوف، ثم تمددوا إلى الحديدة، ميناء شمال اليمن الرئيسي، ثم إلى صنعاء، وباحتلالها أعلنوا ما سموه ثورة 21 سبتمبر 2014.
وكان تمددهم واحتلالهم هذه المناطق بهذه السرعة وهذه السهولة، محل تساؤل، إلى أن انكشف الأمر، بأن ذلك تم بالتعاون مع علي صالح، الرئيس الذي خلعته ثورة الشعب اليمني عام 2011، والذي ظل مسيطراً على قوى الجيش والحرس الجمهوري وقوى الأمن، من خلال غرس نفوذه طيلة حكمه، عن طريق شراء الولاء، وتعيين الأقارب وتمويل التحالفات، مستخدماً ما جمعه من أموال اليمن طوال 34 عاماً.
نسخة طبق الأصل
ومن صنعاء، انطلق الحوثيون بدعم صالح إلى المناطق الوسطى (تعز وإب ومأرب والبيضاء)، ثم إلى الجنوب في شبوة ولحج والضالع، وفي هذه القطاعات واجهوا ولايزالون يواجهون مقاومة ضارية.
إذن، ما قام به الحوثيون، بالتعاون مع الرئيس المخلوع، هو نسخة طبق الأصل مع ما فعله “داعش” في العراق، بالتعاون مع فلول “البعث”.
خطاب الحوثي… افتراء
الآن، يتباكى عبدالملك الحوثي، في خطابه الأخير، متقمصاً شخصية حسن نصرالله، بألفاظه وحركات جسمه ويده، ومندداً بما أسماه الغزو السعودي، الذي وصفه بأنه تنفيذ لمخطط أميركي – إسرائيلي، ضد ما أسماه ثورة الشعب اليمني في 21 سبتمبر 2014.
الغريب في الأمر، أن الحوثي ادعى في خطابه أن الحوار في اليمن كان قائماً قبل الهجوم برعاية الأمم المتحدة، وكانت الثورة الشعبية (يقصد تمرده) أكثر اهتماماً وعناية وحرصاً على التوافق السياسي بين كل المكونات الأخرى.
وقفز عبدالملك الحوثي على ما كان يجري، ففي أثناء محاولات عقد الحوار كانت جماعته وجماعة علي صالح مستمرة في تنفيذ مخططها والتمدد للسيطرة على المزيد من الأراضي والمواقع، كما هيمنوا على مؤسسات الدولة، وقاموا باحتجاز رئيس الدولة المنتخب بعد ثورة 2011، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، كما اقتحموا مساكن القيادات السياسية الأخرى، مثل منزل عبدالله حسين الأحمر وعلي محسن الأحمر، نائب صالح آنذاك وخصمه، في ما بعد.
لذلك، فإن ادعاء الحوثي بأن ثورته كانت أكثر اهتماماً وحرصاً على الحوار للوصول إلى توافق سياسي مع كل المكونات السياسية، هو محض افتراء دحضته الوقائع، وستار لتنفيذ مخططه في الهيمنة على كامل اليمن، وكذلك ادعاؤه بأن هجوم “عاصفة الحزم” أجهض ذلك، هو محض هراء وكذب، لأن الأسباب التي أدت إلى تصاعد الحرب في اليمن، هي أفعال الحوثيين وممارساتهم، والتمدد والهيمنة، متناسياً أن اليمن لقمة أكبر بكثير من قدرة جماعته على ابتلاعها.
ويدّعي الحوثي، أيضاً، أن الحرب قد تدمر اليمن، وتفسح المجال لتمدد “القاعدة”، فلماذا لم يدرك أن ما كان يفعله بالسيطرة بالقوة على محافظات اليمن ومؤسسات الدولة هو الذي كان يفسح المجال لتمدد “القاعدة”؟!
الحل السياسي
الآن، كثرت الأحاديث والتصريحات عن إيقاف القتال والدخول في تسوية الحل السياسي، وتطرَّق إلى ذلك حسن نصرالله في خطابه، بقوله: “ندعو إلى استعادة مبادرة الحل السياسي في اليمن، وهو أمر ممكن”، كما يمكن أن يفهم أيضاً من كلام الحوثي عن حرصه على الحوار، ولكن الأهم ما نقل عن مصادر، أن الجزائر نقلت رسائل إيرانية إلى الرياض، عن استعداد الحوثيين لوقف المعارك في عدن، والانسحاب من صنعاء، والعودة إلى معاقلهم في صعدة، مقابل وقف التحالف العربي غاراته اليومية في اليمن على الميليشيات المرتبطة بإيران.
وإذا صح ذلك، فإنه يتطابق مع قرار مجلس الأمن بشأن القتال في اليمن، أي تطبيق الشق الأهم في القرار، وهو انسحاب الحوثيين من المواقع في المحافظات ومؤسسات الدولة التي احتلوها، أي عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل احتلال صنعاء في سبتمبر الماضي، فإن ذلك قد يكون مبادرة ومدخلاً لوقف القتال في اليمن، والدخول في إطار الحل السياسي.
آخر مقالات الكاتب:
- انتخابات 2016 فرحة لم تكتمل
- أول مجلس يحلّ نفسه
- لا تزرعوا الكراهية فنتائجها وخيمة
- الانتخابات المقبلة… المقاطعة أسلم أم المشاركة؟
- الفساد وصل إلى العظم
- منع الاختلاط والحول الفكري
- الدمار والقتل في حلب مسؤولية روسيا
- المأزق الذي نواجهه من صنع السلطة
- وداع… وإنقاذ
- برنامج الحكومة الإصلاحي… لا جديد فيه ولا يحمل جدية