القضاء العادل المستقل، هو الدعامة الكبرى لأي مجتمع يحلم بالاستقرار والإصلاح، وهو خط الدفاع الأول أمام مَن يعبث بكرامة الإنسان وحقوقه وأمنه وأمواله.
فلا عجب أن يلاقي القضاء محاربة شرسة من قوى الفساد والاستبداد، والمجتمع الكويتي يعاني هيمنةَ قوى الفساد والتخلف، الممسكة بمعظم مفاصل الدولة، لهذا يطول القضاء الكويتي الكثير من المعاناة، بسبب هذا الوضع الشاذ.
ألا يُثير الدهشة، لجوء القضاء إلى المحاكم، للحصول على حقه المشروع المعترف به، لتحسين أوضاع أفراده؟
ألا يُثير التساؤل، أن يرفض المتنفذون تخصيص ميزانية لتطوير الجسم القضائي وتوسعته، ليتمكن من البت في القضايا المكدسة أمامه، ما يعطل الحلول لمشاكل الناس؟
ألا يُثير التساؤل، عدم إقرار قانون استقلال القضاء، على الرغم من مرور حوالي 60 عاماً على وجوده، وها هو القانون حبيس الأدراج في مجلس الأمة، لا يجرؤ أحدٌ على نبشه؟
ألا يُثير التساؤل، تكدُّس القضاة والمحامين وزبائنهم، مع الموظفين والمراجعين، في مبانٍ متهالكة، أكل الدهر عليها وشرب؟
والأدهى والأمرُّ، أن متنفذين في إدارة الدولة يتحدون المحاكم، بعدم تنفيذهم الأحكام القضائية، ولا يوجد مَن يحاسبهم، كما نشرت الصحف المحلية أخيراً.
شعورنا بالغضب والاستياء من هذا الوضع يتضاعف عندما نشاهد حملة منظمة تستهدف المساس بكرامة وأمانة قضائنا، الذي اتخذ أحكاماً عجز عن اتخاذ مثلها نظراؤه في مجتمعنا العربي، كحق القضاء وحده في تحديد حالة الضرورة، وكذلك تمكين الشعب من الوصول إلى المحكمة الدستورية، بعد أن كان ذلك حكراً على الحكومة.
وكم تمنينا على جمعية المحامين الكويتية، أن تبادر فوراً إلى رفع كل القوانين المقيدة للحراك السلمي والمنافية للدستور إلى المحكمة الدستورية، من أجل إلغائها، كما حصل لقانون التجمُّعات.
يُنقل عن الحكومة والمجلس، أن الموضوع يُعالج بجدية، وهناك ملاحظات للحكومة سيتم علاجها.
وأنا أقول لكم، إن ما يتحدثون عنه، هو كيف يصدرون قانوناً صورياً “لا يهش ولا ينش”، كالذي قاموا به في قانون المحكمة الدستورية، إذ جعلوا الوصول إليها متعذراً، ويقيناً هذه الإمكانية متوافرة لدى الحكومة، بوجود أغلبية مريحة دائمة، من خلال حزبها المسمى بـ”نواب الخدمات”، الذي يحظى بدعمها المادي والخدماتي.