أجزم بأن وزير التربية وزير التعليم العالي الأستاذ بدر العيسى ــــ وعلى الرغم من خبرته الأكاديمية، ونشاطه الثقافي والسياسي ــــ لم يكن يعرف حجم الدمار والخراب والفساد الذي تعيشه وزارة التربية، بجامعتها ومعاهدها ومبانيها ومناقصاتها ومؤهلات مدرّ.سيها. وبالتالي، لربما صُعق من حجم الحفرة التي تقبع فيها الوزارة!
وضع وزارة التربية ليس شاذّاً، بل هو جزء من منظومة التدهور الإداري والأخلاقي الذي نعيشه منذ سنوات! فكيف يمكن أن تبقى قضية بضع مئات ممن اشتروا أو زوّروا شهادات «الدكتوراه» التي يحملونها حية لأكثر من عشر سنوات؟! وكيف يمكن تصوّر أن هناك من يطالب بــ «إنصافهم» وتشغيلهم مدرسين في الجامعة؟ وكيف يمكن أن نُلام على استخدام وصف الوضع في «التربية» وغيرها بالمتدهور أخلاقياً، إن كان هناك المئات ممن يقومون بالاهتمام بصحة وسلامة عقولنا وأبداننا من حاملي مثل هذه الشهادات، في «التربية» و«الطب» وغيرهما، وبرضا الحكومة وعلمها؟! وهل سنمتنع عن مشاركة وزير التربية استغرابه إن اكتشفنا، في بلد «المليون كويتي» فقط، أن هناك نسبة عالية من طلبة «الجامعة» لا يعرفون اسم رئيس الحكومة، وأن تعليمهم ضعيف وثقافتهم أضعف؟!
إن كل معنيّ بمأساة التعليم في الكويت يعلم تماماً أن الحكومات السابقة، وبعلم جميع وزراء التربية السابقين، سمحت للأحزاب الدينية، وبالذات لــ «الإخوان»، وإلى حد ما السلف، بالتحكم في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب. كما أن الحكومات نفسها تخلصت من مضايقات النواب وتدخلاتهم، ومنهم من ينتمي إلى ما يسمى نواب الأغلبية، للاعتراف بشهادات عدد ممن توسّطوا لهم، فقبلت شهادتهم المزورة و«رمتهم» على التعليم التطبيقي وغيرها، وتسرّب بعضهم إلى الجامعة، وحدث كل ذلك بدعم قبلي. وبالتالي، لم يكن مستغرباً تفشي أمراض المجتمع في هذه المؤسسات، هذا غير ما يواجهه الوزير من وضع مؤسف في المناهج، بسبب كمّ الخرافات فيها، وبعضها يحضّ بشدة على كراهية الآخر واستخدام العنف ضده. وكيف ان مشروعه الإصلاحي قد يؤيد مستقبلاً، إن جاء وزير تربية وقرر وقف حركة إصلاح المناهج؟!
ولو نظرنا إلى وضع التعليم الخاص، لوجدناه يشكو من علل كثيرة، فقد نجحت قوى التخلف نفسها في جعله نسخة مشوهة من التعليم العام. وبالتالي، تم القضاء كلياً على تميزه، وخفّضت من مستواه بما فرضته عليه من أعباء تعليمية، وليتحول تالياً إلى قطاع تجاري بحت، بعد أن كان أيام مدرسة بيان وغيرها من المؤسسات التعليمية الخاصة، مشروعاً تربوياً وطنياً هادفاً.
مؤسف أن يُعطى الوزير منصباً حساساً ويحاط بمئات المشاكل الفنية والهندسية وطاقم إداري عاجز، و«أساتذة» بشهادات مزوّرة، وقانون فصل «جنسي عنصري» جائر، ثم يطلب منه أن يعمل ويبدع!