أعلن أكثر من نائب، وخصوصا من أعضاء لجنة التحقيق الخاصة بالحيازات الزراعية، أن هناك زلزالا قادما سوف يكشف أسماء وشخصيات، ومنهم أعضاء مجلس الأمة ممن استولوا على قسائم زراعية أصغرها مساحتها 50 ألف متر مربع دون وجه حق، وأن هذه الهدايا قد قدمت لهم بتعليمات مخالفة لقواعد وشروط منح هذه الحيازات، وعلى الرغم من أن عمر لجنة التحقيق تجاوز سنة ميلادية كاملة منذ المطالبة بها بتاريخ 21 أبريل 2014 فإن زلزال المجلس لم يلد حتى فأراً إلى هذه اللحظة!
هذه ممارسات لجان التحقيق البرلمانية مع الأسف الشديد التي تبدأ بعاصفة من التهديد والوعيد، ولكن سرعان ما تخف رياحها حتى تلامس السكون، إما لتكتيكات سياسية أو من جراء ضغوط “لطمطمة” الموضوع، أو حتى كضريبة لصفقات “شيلني وأشيلك”، وأحياناً لخلط الأوراق لتمييع أصل الموضوع وهو الفساد والرشوة والتنفيع.
في الكويت لم نعد نحتاج إلى المزيد من الأدلة والشواهد والقرائن، حتى التقارير الصادرة من الجهات الرقابية على شبهات بمختلف أشكال الفساد، ولا تنقصنا الأمثلة على تورط بعض المسؤولين الكبار في الحكومة وشركات القطاع الخاص، حتى أعضاء السلطة التشريعية في مخالفات وحيازات وترضيات على شكل عشرات ومئات الملايين من الدنانير النقدية أو العينية، ولكن لم يحدث قط أن انتهت أي قضية سواءً في مرفق القضاء، أو عبر لجان التحقيق البرلمانية، أو حتى لجان التحقيق التي تشكلها الحكومة بوضع النقاط على الحروف، أو الخروج بإدانة صريحة وموثقة.
قبل الترويج لأخبار زلزال الزراعة حاول بعض أعضاء المجلس الحالي تسريب معلومات ضبابية حول ما يعرف بتضخم حركة العقارات للنواب والوزراء السابقين على امتداد خمسة مجالس متتالية، وهذا إجراء مستحق إذا كان الهدف منه كشف التجاوزات، وإن وقعت في أوقات سابقة، ولكن يبدو أن الهدف من ذلك لم يكن بالمصداقية المتوقعة، وخصوصاً بعد أن أفردت صحف معينة مانشيتات ضخمة بتورط نواب من المعارضة ومن بعض التيارات السياسية في هذه الفضيحة المزعومة، ولكن سرعان ما تمت لملمة الموضوع، وبلع النواب ألسنتهم لأن المعلومات المسربة لم تكن سوى مسعى لخلط الأوراق وخلق حالة شائعة لدى الرأي العام بأن التجاوزات والانتفاع تشمل الكل، فلا داعي لكشف المستور!
هذه الحالة وكما هو متبع في الغالب لدى لجان التحقيق البرلمانية تبيّن حقيقة مؤلمة، فقد تكون النوايا أو بعضها صادقة، وقد يأخذ بعض النواب الحماس لإثبات وجودهم وإظهار جرأتهم في الرقابة والمحاسبة، ولكن النتيجة النهائية محسومة وهي “قيّد ضد مجهول”!
الإصرار على إجهاض أي فضيحة قانونياً أو سياسياً هو جدار حديدي لا يقبل أرباب النفوذ أن يُخترق، لأنه ببساطة إذا انتهت أي قضية بإدانة واضحة وعقوبة لائقة فسوف تنجرف بقية الفضائح تباعاً، وعندها يكون الزلزال الحقيقي!