في عام 1907، قال رئيس وزراء كندا عن سياسة حكومته في ما يتعلّق بالهجرة إلى كندا: يجب أن نصر على أن من يأتي للعيش معنا سيصبح كندياً، وأن يرضى بمجاراتنا في طريقة عيشنا، وسيعامل على قدم المساواة مع الآخرين، وسيكون مخجلاً ان تم التعامل معه بطريقة مختلفة، إن بسبب العقيدة، الجنس، الجنسية أو مكان مولده، ولن يقبل منه بالتالي الولاء المزدوج. وكل من يدعي من هؤلاء أنه كندي ويحاول فرض أسلوب حياته أو عاداته علينا، فهو ليس منا، فلا يوجد مكان في كندا لغير علم واحد ولغتين فقط، الإنكليزية والفرنسية، وولاء واحد، للشعب الكندي. ونحن لن نقبل من أي كان فرض ديانته أو عاداته علينا! انتهى.
لا يلام الرجل على ما قاله قبل أكثر من 100 عام، فكلامه لا يزال صالحاً، وينطبق على جميع الدول التي تجذب المهاجرين إليها، بحثاً عن حياة كريمة.
ولكن من جانب آخر، وبسؤال مجموعة من كبار رجال الدين عن حكم المسلم الذي يسعى إلى الحصول على جنسية دولة من دول «الكفار»، والمقصود هنا الدول الغربية المتقدمة، والعيش فيها، فقد تبين من إجاباتهم، علمهم، غير المباشر، بكلمة رئيس الوزراء الكندي، واتفاقهم مع كل كلمة ذكرها، وإن بطريقة معاكسة!
فغالبية، إن لم يكن كل رجال الدين في دولنا يعتقدون أن من ذهب أو سيذهب للعيش في الغرب الكافر، سيقتدي، عاجلاً أم آجلاً، بهم. وسيتبع هواهم وعاداتهم ويحيي علمهم ويقف لسلامهم الوطني ويحارب في جيوشهم، ويدفع ضرائبهم. وبالتالي.. فحصولهم على جنسية تلك الدول ربما يعدّونه غير سليم دينياً. وقد يعتبرون هؤلاء المسلمين، الذين تجنسوا بجنسية الدول التي هاجروا إليها، وأغلبيتها دول غربية «كافرة» والذين يقارب عددهم 25 مليون مسلم، ربما في حكم مرتكبي إثم الكفر، وتشمل التهمة، أيضاً، ملايين الساعين إلى الحصول على جنسية هذه الدول الكافرة أو تلك، وأن لا حل أمامهم سوى التخلي عن جنسيات الدول الكافرة، وعودتهم إلى البلاد الإسلامية، لكي تزال عنهم تهمة الكفر وإثم التشبه بالكفار. وزايد أحد الأئمة على هؤلاء بالقول إن حتى السفر لبلاد الكفار محرم، فقد يموت فيها المسلم ويخشى بالتالي دخوله النار!
طبعاً، فتاوى هؤلاء تأتي من منطلق رفاهية وراحة مادية، فهم لم يعانوا ما عاناه ملايين المهاجرين المسلمين في أوطانهم من قهر وظلم وجوع ومرض، ولا يريدون أن يفهموا أن ليس كل من هاجر فعل ذلك لرغبة في تقليد كافر أو مرتد، أو زيادة دخل، بل الأغلبية هاجرت هرباً من مصير مظلم، وهذا ما لم يضعه هؤلاء «السادة» في اعتبارهم.. ومع هذا نصر على تسميتهم بـ«العلماء»!