أسئلة النائب راكان النصف لوزيري الداخلية والإعلام، أن الوزير الأول يصادر حرية حركة البشر بالزنازين وقرارات منع السفر، والوزير الثاني يقمع حرية تفكيرهم وحقوق تعبيرهم، هي أسئلة مستحقة، وتلامس الجرح الثقافي بالدولة، هذا إذا اعتبرنا أن لدينا ثقافة وفكراً أصيلين.
يهمني سؤال راكان لوزير الإبداع في وزارة سجن الأفكار، أي الإعلام، فراكان يستفسر من معالي الشيخ – طال عمره – عن «الفقرات أو الجمل التي على ضوئها منعت الكتب»، والمواد القانونية التي تعطي الوزير حق منع المصنفات الفنية والأدبية.
الوزير سيجد إجابة سهلة في أساس المنع في قوانين المطبوعات والنشر أو الجزاء، فمواد كثيرة في مثل هذه القوانين، مفصلة على مقاس القمع، والأصل فيها الحظر والمنع والعقوبة، والاستثناء هو المسموح والممكن، ولا أساس لدستوريتها، ولا مكان يمكن للفرد أن يطعن بها، يجوز نظرياً الطعن بها، ولكن واقعاً، المسألة مختلفة، ففي النهاية لا جدوى من النفخ في القِرب المقطوعة، أو المشقوقة، أو المثقوبة، وفق تغيّر لهجات دول القمع والزجر، لكن المحتوى واحد، فـ»القِرب» متماثلة.
سؤال النائب المحدد بأي فقرات من الكتب التي علي أساسها حُظرت، سنجد في الإجابة المحتملة التعنت والفكر المغلق الخائف من ظله، والذي يخشى من عواقب سياسية قد يثيرها هذا النائب أو ذلك المغرد المتعصب، ولا أدري منذ متى أصبحت هذه الوزارات القمعية تعمل حساباً للمغردين أو لبعض النواب، فالوزارتان مشغولتان بتلقي البلاغات ضد المغردين أو ملاحقتهم!
وهل نتخيل أن نواب الحكومة المحافظين سيخرجون عن طوع ماما الحكومة ويمارسون العقوق ضدها؟ لكن يا سبحان الله!.. يتحرك القانون على هواهم وكما يشتهون!
الفقرات التي منعت على أساسها الكتب، يمكن تفسيرها وفق ثقافة القارئ ووعيه، النص واحد، لكن تفسيره أو تأويله يتبدل حسب العقل المتلقي له، القارئ المنفتح الحر لن يجد فيه ما يستحق المنع، القارئ المحافظ، والذي يعتقد أن فكره هو عنوان الحقيقة المطلقة، سيجد الأمر مختلفاً، ويفترض بسلطة الدولة أن تكون متوازنة محايدة، متجردة في قراءة العمل الأدبي أو الفني، لا أن تفوض أفراداً يعانون من وسواس الخوف من الحرية، كي يتسلطوا على أي إبداع مهما كان بسيطاً متواضعاً.
قرأت مجموعة دلع المفتي القصصية القصيرة، بعنوان «رائحة التانغو»، وأنا هنا لا أحكم على قيمتها الأدبية، لكني لم أجد بتفسيري القانوني المتواضع كلمة واحدة، يمكن أن تفسّر على أنها «إساءة للنظام بالكويت»!
كيف تفهم لجنة الرقابة كلمة «النظام»؟، وما هي معايير الإساءة من عدم الإساءة للنظام؟ والفرق بين الشخصانية والتجرد في الحكم على العمل الأدبي؟
أي نظام، أي «بطيخ» بالكويت؟، بعد أن أصبحت الديرة ساحة رثة لفوضى القوانين والتلاعب بها واستغلالها مع جرائم نهب واستغلال نفود ورشا وفساد ليس لها أول ولا آخر، ويصاحب كل ما سبق ممارسة مستقرة بحبس الأحرار المسالمين حين ينتقدون الوضع المزري.
وفي النهاية، تعالوا كي نتعلم من مثقفي لجنة الرقابة معنى النظام، وأصول الأدب بعد منع كتاب الأديب سليمان الشطي، بحجة أنه مناف للآداب العامة… بلد مضحك حتى المأساة… وشر البلية ما يضحك.